لا فض فوك

وَلِمَ القَوَافِي لا تَحُطُّ رِحَالَها

وتَخرّ مِنْ زَهْوٍ إِلَى الأعْنَاقِ

إنْ تَأتِكُمْ صَدَرَتْ يُطَوِّقُ جِيدَهَا

دُرٌّ، وحُسْنُ مَكارمِ الأَخْلاقِ

يَا شِعْرُ هَلْ تَشكُو وَصَالِحُ بَيْنَنا!

يَرْوِي قَوَافِيكَ فَنِعْمَ السَّاقِي

بَلِّغْ سُليّمانَ الْحَكِيم، وجُنْدَهُ

أنْ غَاصَ صَالِحُنَا إِلَى الأعماقِ

فَأَتَى بِكُلِّ نَفِيسةٍ مَكْنونَةٍ

في صَدْرِهِ، فَطَغَتْ عَلَى الآفَاقِ

يَا شَاعِرَاً أَتُرَاكَ تَنْظِمُ بَلْسَمَاً

أَمْ ذِيْ تَرَانِيمٌ وَرَقْيُ الرَّاقِي!

أَمْ ذِيْ تَمَائِمُكُمْ فَلَسْتُ أَخَالُهَا

إِلاّ لِصَوْنِ الشِّعْرِ مِنْ إِمْلاقِ

أَتْحَفْتُمُ جَمْعَ الْحُضُورِ بِدُرِّكُمْ

فَظَفِرْتُمُ بِالشُّكْرِ باسْتِحْقَاقِ

يَا بِئْرَ سَبُعٍ، يَا عَرِينَ أشَاوِسٍ

يَا رَايَةً دَأَبَتْ عَلَى الإِشْرَاقِ

أَفَلَسْتُمُ مَهْدَ الْخَلِيلِ، فَبِئْرُهُ

لا زَالَ يُؤْتَي مَاؤُهُ الرَّقْرَاقِ

فَالْحُسْنُ قَدْ أَلْقَى العَصَاةَ بِأَرْضِكُمْ

وَالغِيدُ عِنْدَكُمُ، هَوَى العُشَّاقِ

وَالشِّعْرُ يَعْبقُ بِالرَّحِيقِ إِذَا جَرَى

مِنْ وَادِ شَاعِرِكُمْ عَلَى الأوْرَاقِ

أَجْزِلْ عَطَاءَكَ ‍‍! فَالقَرِيضُ بِمِحْنَةٍ

مَا عَادَ مِثْلَ الأَمْسِ عَذْبَ مَذَاقِ

حِيَن انْبَرَى لِلْشِّعْرِ قَوْمٌ مَا رَعَوا

إِلاًّ لَهُ، أَوْ لِلدَمِ الْمِهْرَاقِ(1)

قُمْ يَا ابْنَ رَهَطٍ وَانْثَنِي مُتَصَدِّيَاً

دَاوِيْ جِرَاحَ الشِّعْرِ بِالتِرْيَاقِ

وَأَرِيهُمُ أَنَّ القَرِيضَ مَشَاعِرٌ

وَمَكَارِمٌ، وَمَهَارَةُ الْحُذَّاقِ

لا فُضَّ فُوكَ، وَلا انْطَوَى لَكَ مِنْبَرٌ

يَا مُتْعَةَ الآذَانِ، وَالأحْدَاقِ