ذكرى صباباتي فهزني الذكر

ذكرى صباباتي فهزّني الذكر

وعيشاً رغيداً جاد حيناً به الدهر

اذ النفس سكرى من رحيق شبابها

وقد طاب يحلولي لها ذلك السكر

ذكرت به عهداً كأن رفيفه

رفيف اقاحي الروض قد طلها القطر

اذ الشمس تعلو فوق دجلة ضحوة

فيغرق في انوارها الشاطئ النضر

وكان يحييني نهارا شعاعها

وتبسم لي في ليلي الانجم الزهر

واذ حب ليلى لي كحبي لها فلا

تشط بها عني القطيعة والهجر

ويفتنني منها حديث ومنطق

وتفتنها مني الفصاحة والشعر

بكيت شبابي بعد اني فقدته

الى الموت حتى ابتل جيدي والنحر

ولا تعجبوا للشعر يذرو عجاجة

واية ريح للعجاجة لا تذرو

سلام على عهد الصبا انه مضى

ولم يبق الا طيفه لي والذكر

لقد كان في عيني جميلا ربيعه

واجمل شيء في الربيع هو الزهر

لنا قدم في الحكم تعوزها الخطى

وحرية في القول يعوزها الجهر

وماذا عسى ان تستطيع ابتعاثه

عقول عليها في جماجمها حجر

وقد يستطيع الشعب اصلاح شأنه

اذا لم يكن من كفه خرج الامر

يقولون صبرا يا جميل على الذي

اصابك من حيف واني لي الصبر

ولا بد من حرب على من تعصبوا

علي فاردى او يفيئ لي النصر

وكل امرئ يسعى الى الجد جاهدا

ولكن طريق المجد اكثره وعر

هلموا نسابق من لنا قد تقدموا

فنعل علاهم او نمر كما مروا

نتمّ على رغم المقادير امرنا

اذا هي ضنت ان يتمّ لنا الامر

سأرحل في شيخوختي عن مواطني

الى حيث لا نهي علي ولا امر

وان العراق اليوم شبه سفينة

تقاذفها الامواج والمد والجزر

اذا لم يكن ما يبتغيه اولو الهوى

على اهله شرا فماذا هو الشر

يقولون ان الدهر يصلح فاسدا

فما حيلة الانسان ان فسد الدهر