حديقة بلا غناء
لا يَأْنَسُ الطينُ حتَّى يحضنَ الطينا
فلا أريدُكِ ريحانًا ونسرينا
لم ننعقدْ في الهوى نبضًا وعاطفةً
حتَّى انعقدنا بهِ خَلْقًا وتكوينا
مشيئةٌ في ضميرِ الغيبِ واحدةٌ
أَوْحَتْ إلينا معًا: يا أنتُما كُونا!
ننحلُّ في الشوقِ أعمارًا سواسيةً:
نبضُ (الثلاثينَ) في أحشاءِ (خمسينا)!
لنا من الحُبِّ أحلامٌ/ملائكةٌ
باتتْ تكابدُ أوهامًا/شياطينا!
لا أَنْصَفَتْنَا المقاهي في صداقتِها
بالعاشقينَ، ولا وَفَّتْ (حَوَارِيـ)ـنا
فلم نزلْ حيث يَمَّمْنَا لـموعدِنا
نعودُ.. لم تكتحلْ مِنَّا مآقينا؟!
نعودُ كالفتيةِ اللَّاهِينَ ما برحوا
حولَ الغوايةِ طَوَّافِينَ سَاعِينا
نحنُ الذينَ سَفَحْنَا روحَ قهوتِنا
في الانتظارِ، وعَذَّبْنَا الفناجينا
بئسَ المواعيدُ رَتَّبْنَا الهواءَ لها
ثُمَّ التقينا مجازًا في قوافينا
في البُعدِ نقدحُ نجوانا كما انْقَدَحَتْ
من شُعلةِ الغيبِ أحلامُ المُرِيدِينا
نشكو الأسَى فـتُعَزِّينَا قصائدُنا
حيثُ القصائدُ مِنْ أشجَى المُعَزِّينا
والأرضُ رانَ عليها رُعبُ معدنِها
فراحَ يُثْخِـنَ في الأُفْقِ الحساسينا
ما ضَرَّنا لو صَقَلْنَا بعضَنا شَغَفًا؟!
فلم تزلْ تصقلُ السِّكِّينُ سِكِّينا!
زنزانةُ العُمرِ ضاقتْ دونَ أُغنيةٍ..
إنَّ الأغاني يُوَسِّعْنَ الزَّنازينا!
يسمو بنا الذوقُ حيثُ الذوقُ سَلْطَنَةٌ
تُحِيلُنَا بينَ كَفَّيْهَا سلاطينا
لا شيءَ من كَذِبِ الأيامِ يملؤُنا
بالصِّدقِ غيرَ أكاذيبِ المُغَنِّينا
جئنا من الشوكِ.. من ميراثِ قسوتِهِ..
مُضَمَّدِينَ بأوهامٍ تُدَاوِينا
نحنُ البريدُ الذي أقدامُهُ نَفِدَتْ
من الوقودِ ولم يَلْقَ العناوينا
نمشي بأطولِ ما في الأرضِ من طُرُقٍ
ذاك الطريقُ إلى نسيانِ ماضينا
ما ثَمَّ خوفٌ دَخَلْنَا في غياهبِهِ
إلا حَسِبْنَاهُ منفًى من منافينا
والخُلْدُ ما سَرَقَتْ أفعاهُ من فَرَحٍ
معشارَ ما سَرَقَتْ مِنَّا أفاعينا!
تَبَّتْ يدُ الخوفِ! بِتنَا في مدائنِهِ
نكادُ نهربُ حتَّى من أسامينا
نكادُ نغدرُ بالمعنى فما بَرِحَتْ
شفاهُنا تتلوَّى عن معانينا
نكادُ –والنظراتُ/الشكُّ تلدغُنا
نرى العيونَ يُرَبِّينَ الثعابينا
هذي المدائنُ من فرطِ الوداعِ بها
جَفَّتْ، وجَفَّتْ من التلويحِ أيدينا
مُرِّي على الشجر العاري لـنمنحَهُ
من المُنى ما يُطَرِّزْنَ الأفانينا
لا دورَ في الحبِّ يُهدِينَا بطولتَهُ
ما لم نُجَسِّدْهُ أبطالاً قرابينا!
الحبُّ شدَّ بأيدينا بيارقَهُ
فـرافقيني لـنجتاحَ الميادينا
آلامُنا تتربَّى في حناجرِنا
بين المواويلِ أطفالاً وسيمينا
حَسْبُ الشوارعِ أن ْنكسو ملامحَها
ملامحَ الحبِّ كي تغدو بساتينا
قُومي، نُمَشِّطُ إحساسَ الرصيفِ بـنا
إذا عبرناهُ ثُوَّارًا مجانينا
نحيا فُروسِيَّةَ العُشَّاقِ إنْ حَمِيَتْ
أشواقُنا.. إنَّ للأشواقِ (حِطِّينَا)!
سِيَّانِ –والحبُّ لم يبرحْ يُطَيِّرُنا
طِرنَا عصافيرَ أو طِرنَا بَوَالِينا!