بريد الغربة

لقد أسرى بيَ الأجلُ

وطولُ مسيرةٍ مَللُ

وطولُ مسيرةٍ من دونِ

غايٍ مطمعٌ خَجِلُ

على أن يَطْوي غدٌ

طُولَ السُرى وجلُ

تماهلَ خطوهُ صدداً

وعُقبى مهلِهِ عجَلُ

وخُولِط سيرهُ جنفاً

كما يتقاصرُ الحَجلُ

أشاع اليأسَ بي عُمُرٌ

وكنتُ وكلُهُ أملُ

وعُمرُ المرءِ فضلُ منىً

بها ما شَقَّ يُحَتَملُ

فان ولّت فلا ثقةٌ

ولا حَوْلٌ ولا قِبَلُ

أقول وربما قولٍ

يُدَلُّ بهِ ويُبتَهَلُ

الا هل تُرجِعُ الأحلامُ

ما كُحْلِت به المُقلُ

وهل ينجابُ عن عَينيَّ

لليلٌ مُطبقٌ أزلُ

كأن نجوَمه الأحجارُ

في الشطرنج تنتَقَلُ

يُسَاقِطُ بعضُها بعضاً

فما تنفكُ تقتتِلُ

ألا هل قاطعٌ يصلُ

لما عيَّت به الرُسُلُ

ويا أحبابيَ الأغنينَ

من قطعوا ومَن وصَلوا

ومن هُمُ نُخبةُ اللذَّاتِ

عِندي حِينَ تُنتَخَلُ

هُمُ إذ كلُ من صافيت

مدخولٌ ومُنتَحَلُ

سلامٌ كلُهُ قُبَلُ

كأن صَمِيمَها شُعَلُ

وشوقٌ من غريب الدارِ

أعيَتْ دونهُ السُبُلُ

مقيمٌ حيثُ يَضْطربُ المنى

والسعيُ والفشلُ

وحيثُ يُعاركُ البلوى

فتلويهِ ويعتدلُ

وحيثُ جَبينُهُ يَبَسٌ

وحيثُ جَنانُه خَضِلُ

وإذْ نَضّبَتْ أفاويقُ الصِّبا

فهِباتُها وشَلُ

سلامٌ من أخي دَنَفٍ

تَناهتْ عندهُ العِللُ

وحيدٍ غيرَ ما شَجَنٍ

بلوحِ الصدرِ يعتملُ

وذكرى مُرّةٍ حَلِيت

بها أيامُنا الأُوْلُ

تُعاودُه كفيءِ الظلِّ

رؤياها وتنتقلُ

وحيدٍ بالذي غنّى

وساقى يُضربُ المثلُ

وفيما قال من حَسَنٍ

وَسْيءٍ يَكثُرُ الجْدَلُ

سلاماً أيُّها الذاوونَ

إنّي مُزمعٌ عجلُ

سلاماً أيُّها الخالونَ

إنَّ هواكُمُ شُغلُ

سلاماً أيُّها الندمانُ

إني شاربٌ ثَمِلُ

سلاماً أيُّها الأحبابُ

إنَّ مَحبةً أملُ

سلاماً كُلُهُ قبلُ

كأنَّ صَمِيمَها شُعَلُ