بنت بيروت

يا عَذبَةَ الرُوح يا فتّانَة الجَسدِ

يا بنتَ ” بيروتَ ” يا أنشودةَ البَلدِ

يا غيمةَ الشَعرِ مُلتاثاً على قَمر

يا بَسمةَ الثغر مفترَّاً عن النَضَد

يا رَوعةَ البحرِ في العينينِ صافيةً

يا نشوةَ الجبَلِ الملتّفِ في العضُد

يا قَطرةً من نِطاف الفجر ساقطها

من ” أرز ” لبنانَ خفَّاقُ الظلالِ ندى

يا نَبتة الله في عَليا مَظاهرِه

آمنتُ بالله لم لم يُولَد ولم يَلِد

يا تلعةَ الجيدِ نصَّته فما وقَعَت

عَينٌ على مِثله يَزدانُ بالجَيَد

يُطِلُّ منها بوجهٍ أيِّ مُحْتَملٍ

ويَستريحُ بصدرٍ أيِّ مقتعَد

يا جَوهرَ اللُطفِ يا معنىً يضيقُ به

لَفظ فيقذِفُهُ الشِدقانِ كالزَبَد

أعِيذُ وجهَكِ أن أشْقى بِرقَّتِه

وفَيْضَ حُسنِك إن يَعيا برِيِّ صدى

ولا يليقُ بأجفانٍ أنشِّرُها

على جمالكِ أن تُطوى على السُهد

يَدٌ مَسحتُ بها عَيني لأغمِضَها

على الهوى ، ويدي الأخرى على كَبِدي

وَرَدتُ عن ظمأٍ ماءً غَصِصتُ به

فليتَ أنَّيَ لم أظَمأْ ولم أرِد

قالَ الرِفاقُ ونارُ الحُبِّ آكلةٌ

مِن وَجنْنتَّي أهذا وجهُ مُبَترِد

لمْ أدرِ أذكُرُ ” بيروتاً ” بأيِّكما

أأنتِ . أم لَوعتي ياليلةَ الأحد

عَجّ الرصيفُ بأسرابِ المها وهَفا

قلبي بزفرةِ قَنَّصٍ ولم يسِد

فمِن مُوافيةٍ وعداً ، وراقبةٍ

وعداً ، وأين التي وَّفت ولم تَعِد؟

فُويقَ صدرِكِ من رفق الشبابِ به

أشهى وأعنفُ ما يُعطى لمنتهد

كنزانِ مِن مُتَع الدُنيا يُقِلُّهُما

جمُّ الندى سَرِفٌ في زيِّ مُقتَصِد

قالوا تَشاغَلَ عن أهلٍ وعن ولَدٍ

فقال نهداك : لم يَشغَلهْ من أحد

سوى رَضيِعي لبانٍ توأمٍ حُبِسا

رهنَ الغِلالة إشفاقاً مِن الحَسَد

راجَعتُ نَفسي بما أبقى الشبابُ لها

وما تخلَّف من أسئاره بِيدي

فما أمرَّ وأقسى ما خرجتُ به

لولا بَقيةُ قلبٍ فيَّ مُتَّقِد

أمسى مَضى بلُبانات الهوى . وأتى

يَومي يُمهِّد بادي بَدءةٍ لِغَدي