فرصوفيا

“فرصوفيا”: يا نجمةً تَلالا

تُغازلُ السُهوبَ والتِلالا

وتَسكبُ الرقَّةَ والدَلالا

فوقَ الشفاهِ الضامئات الحامياتِ الحانيه

وبين أهدابِ الجُفونِ الغافيان الوانيه

“فرصوفيا” الحلوة يا ذاتَ القُطوفِ الدانيه

من ذا يوفِّي سحرَكِ الحلالا ؟

وحُسنَكِ المدمِّرَ القَتّالا

يُجشِّمُ اللذّةَ والأهوالا

حالانِ، الأحلى أمرُّ حالا

غذا أجلتُ فكريَ الجوّالا

في كيفَ صيغَ حسنُكِ ارتجالا

أتعبَتِ الأسطورةُ الخيالا

“فرصوفيا”: إنَّ الصِبا فيكِ ارتغى فعرْبدا

قِفي به عند الحَفافَين فقد جاز المدى

كالأُفعُوانِ انسابَ في الرَملة كيما يَبرُدا

تطلّبتْ عيونُ حسناواتِك الخضْرُ الفِدى

وكالأقاحي إذ تعُبُّ سَحرةً قطْرَ الندى

تذوّبتْ خمرُكِ في الخدِّ الذي تورَّدا

وانفرَجَ البُرعُم في النَهد الذي تَنهَّدا

“فرصوفيا”: يا روعةَ اليومِ الذي يُنسي غدا

غدٌ سرابٌ لا أُحِبُّ الآلا

ما دمتُ أرعى روضةً مِحلالا

بها الظِلالُ تَزحَمُ الظِلالا

مُخلِفةً بكورُها الآصالا

* * *

“فرصوفيا”: واليوم طَوعُ اليد أنتِ الراهنه

والروضةُ المِحلالُ أنت المُزدهاةُ الفاتنه

أنت الرؤومُ بالغريب المستظِلِّ الحاضنه

إذا اشتكى من رهقٍ كلالا

أوردتِه يَنْبُوعَكِ السَلسالا

فهو وقد أوسعتِه أفضالا

يسحَبُ من عُجْبٍ بك الأذيالا

* * *

“فرصوفيا”: والحسرةُ الحرّى تُريح الكَبِدا

واحسرتا أنّي وُلِدتُ تحتَ أطلالِ الردى

جئتكِ في “الستّينَ” ما أشقى وأدنى عددا

إذ مَيْعتي تهرّت اللُحمةُ منها والسَدى

“فرصوفيا”: آهٍ على شَرْخِ صِباً تبدّدا

آهٍ على صادحِ أيكٍ لم يجد عندي صَدى

غَرَّدتُ إذ ناح وأمسي نُحتُ لما غرَّدا

لم أغترف غيدَك إذ كنت الفتيَّ الأغيَدا

كنت الجهولَ المُشتَهى والأمرَد المبلَّدا

“فرصوفيا”: وَشرُّ ما يُحزنني قولٌ سُدى

قلت له لا تَبْعُدَنْ عنّي لما بَعُدا

* * *

” فرصوفيا “: والدم يَستَبقي مدى الدهر دَما

والموت بالعزة يبي لحياةٍ سُلَّما

” فرصوفيا “: أمسِ رأيتُ الحجرَ المكوَّما

كان جنيناً، وفؤاداًن ويداً، ومِعصَما

جيلٌ تأبّى أن يُطاطي فَرمَوه فرَمى

لوى الرجولاتُ أراح نفسَه واستَسْلَما

“فرصوفيا”: ما أبدَع الأمثالا

يستنهضُ الجيلُ بها أجيالا

* * *

حتى إذا غدٌ تمطّى فجرُه وابتَسَما

وأبدل الإيمان بالنهار ليلاً مظلما

حتى إذا البلطيق هدَّى موجَه المحتدما

عاد الدمُ المطلولُ خَدّاً ناعماً ومَبْسِما

وصيغتِ الدمعةُ عِقدَ لُؤلؤٍ فانتظَما

وعادتِ الضِحكةُ في سمعِ حزين نَغَما

ألفُ فمٍ حُلوٍ قضى لتُنعشَ الكأسُ فما

وارسو عام 1963