لا تذعه

ترجمها الشاعر عام 1963، عن الفرنسية التي يلم بها بعض الإلمام.

لا تُذِعْه على أعزِّ صديقِ

وعلى الطِرس لا تخطَّ الحروفا

وبرمل الغاب الندي الرقيقِ

إذ سنا الشمس يستطير زفيفا

ويناغي أدواحَه والحفيفا

لا تخطِّطْه ثَمَّ عَبْرَ الطريقِ

* * *

لا تُذِعْه حتى لبُرعمِ وَرْدِ

بثَنِّيات شَعرها يتَخفَّى

يتمَلَّى منه أريجاً ولطفا

لا تُذعْه حتى إذا الجفنُ رَفَّا

بنُعاسٍ على السُبات العميقِ

* * *

وإذا مُتَّ في فراش الفراقِ

بانتظارٍ مُرٍّ ليوم التلاقي

فاحترمْه والروح عند التراقي

لا تُذعْه حتى لقَبْرٍ عميق

* * *

إنَّ عهدَ الصديق غيرُ وثيقِ

وسطوراً تُخَطُّ عَبرَ الرُقوق

هنّ نَهبٌ لأعينِ الرُقباءِ

وترى الغابَ في مَدِبِّ الشتاء

والتقاءِ السُيول بالأنداء

عرضةً لاِّمحاء ما خُطَّ فيهِ

وشذا الورد بين غُنْجٍ وتيه

في ثنايا جَدائلٍ لفَّاء

قد يُغنَّى بسحرها للهواء

* * *

ومتاهُ القبرِ العميقِ السحيقِ

حيثُ يَلقَى الغُروبُ عبء الشِروق

طالما بَثَّ سرَّه للعَراءِ

لا تذع سرَّ كل بُرءٍ وداء

رمزَ معنى هَناءة وشَقاء

لا تُذِعه حتى لصَبِّ مشوقِ