إن عينا منكم قدء ظمئت

إنَّ عَيْناً مِنْكُمُ قَدء ظَمِئَتْ

قَدْ سَقاها الدَّمْعُ حَتَّى رَوِيَتْ

آهِ مِنْ وِجْدٍ حِديدٍ لَمْ يَزَلْ

وَعِظامٍ ناحِلاتٍ بَلِيَتْ

أنا وَالأظْعانُ مِنْ شَوْقٍ لَكُمْ

نَحْوَكُمُ أَعْناقُنا قَدْ ثُنِيَتْ

أَنْتُمُ الأَنْجُمُ مُذْ غُيِّبْتُمُ

بِسِوَى أَنْوارِكُمْ ما هُدِيَتْ

ساكِنِي الفُسْطاطِ لَو أَبْصَرْتُكُمْ

جُلِيَتْ مِرْآةُ عَيْنٍ صَدِيَتْ

أَوْ أَعادَ اللَّهُ شَمْلي بِكُمُ

سَعِدَتْ آمالُ نَفْسِ شَقِيَتْ

إنَّ أَرْضاً أَنْتُمُ سُكَّانُها

غَنِيَتْ عَن أَن أَقولَ سُقِيَتْ

فَوُجوهٌ كِرِياضٍ أَزْهَرَتْ

وَرِياضُ كَوْجوهٍ جُلِيَتْ

بِأَبي مِنْكُمْ غَزالُ مُهْجَتي

بِظُبى أَلْحاظِهِ قَدْ غُزِيَتْ

ساحِرُ الأجْفانِ أَلْوَى وَعْدَهُ

فَهْوَ كالأصْداغِ لَمَّا لُوِيَتْ

بَلِّغِيهِ يا نَسيمَ الرِّيحِ عَنْ

مُهْجَةِ الْمُشْتاقِ مإِذْا لَقِيَتْ

إنَّ أَسْرارَ الْهَوَى ما نُشِرَتْ

وَمَلابِيسَ الضَّنى ما طُوِيَتْ

وَلَقَدْ كانَ لِنَفْسي جَلَدٌ

وَأراها اليَوْمَ فِيهِ دُهِيَتْ

لِيَ عُذْرٌ فِي النَّوَى عَنْ أَرْضِكُمْ

فَسَقَتْها أَدْمُعي إِنْ رَضِيَتْ

إِنَّما خِدْمَةُ مُوسى جَنَّةٌ

عِنْدَها أَوْطَانُنا قَدْ نُسِيَتْ

مَلِك مُذْ جُرِّدَتْ هَيْبَتُهُ

أَغْمَدَ الأسْيافَ حَتَّى صَدِيَتْ

هُوَ فِي الْهَيْجاء نارٌ تَلْتَظِي

وَهُوَ فِي السَّلْمِ جِنانٌ جُنِيَتْ

لا يُبالِي أنْ خَلَتْ أكْياسُهُ

وَلَهُ الأرْضُ بِشُكْرٍ مُلِئَتْ

خُذْ أحاديثَ عُلاهُ إِنَّها

بِأسانِيدِ مَديحِي رُوِيَتْ

قامَ بِالدُّنْيا وَبِالأُخرَى مَعاً

فَهْيَ ضَرَّاٌت بِهِ قَد رَضِيَتْ

حَسَنُ الظَّاهِرِ لِلنَّاسِ وَلِلَّ

هِ مِنْهُ حَسَناتٌ خَفِيَتْ

يَخْضَعُ الجَبَّارُ مِنْ هَيْبَتِهِ

وَالرَّعَايَا فِي حِمىً قَدْ رُعِيَتْ

يا مَليكَ الدِّينِ وَالدُّنْيا وَيا

صَفْوَةَ المَجْدِ الّتي قَد بَقِيَتْ

وَيْحَ أَعْدائِكَ بَل وَيْلٌ لَهُمْ

مَعْشَرٌ أَبْصَارُهُمْ قَد عَمِيَتْ

كُلَّ يَوْمٍ لَكَ فِي أَكْبادِهِمْ

بِمعالِيكَ جِراحٌ دَمِيَتْ