الناس للموت كخيل الطراد

النِّاسُ لِلْمَوتِ كَخَيْلِ الطِّرَادْ

فَالسَّابِقُ السَّابِقُ مِنها الجَوادْ

وَاللَّه لا يَدْعو إلى دارِهِ

إلاَّ مَنِ اسْتَصْلَحَ مِن ذِي العِبادْ

وَالمَوْتُ نَقَّاٌد عَلى كَفِّهِ

جَواهِرٌ يَخْتارُ مِنْها الجِيادْ

وَالمَرْءُ كَالظِّلِّ وَلا بُدَّ أنْ

يَزولَ ذاكَ الظِّلُّ بَعْدَ امْتِدادْ

لا تَصْلُحُ الأرْواحُ إلاَّ إِذْا

سَرى إلى الأجْسادِ هذا الفَساد

أَرْغَمْتَ يا مَوْتُ أُنوفَ القَنا

وَدُسْتَ أَعْناقَ السُّيوفِ الحِدادْ

كَيْفَ تَخَرَّمْتَ عَلِيّاً وَما

أَنْجَدَهُ كُلُّ طَويلِ النِّجادْ

نَجْلَ أَميرِ المُؤْمِنينَ الّذي

مِن خَوْفِهِ يُرْعَدُ قَلْبُ الجَمادْ

مُصيبَةٌ إِذْكَتْ قُلوبَ الوَرى

كَأَنَّما فِي كُلِّ قَلْبٍ زِنادْ

نازِلةٌ جَلَّتْ فَمِنْ أَجْلِها

سَنَّ بَنو الْعَبَّاسِ لُبْسَ السَّواد

مَأْتَمُهُ فِي الأرْضِ لكنْ لَهُ

عُرْسٌ عَلى السَّبْعِ الطِّباقِ الشِّدادْ

فَالخَودُ فِي المَسْحِ لَها رَنَّةٌ

وَالحُورُ تُجْلى فِي المُرُوطِ الجِسادْ

طَرَقْتَ يا مَوْتُ كَريماً فَلَمْ

يَقْنَعْ بِغَيْرِ النَّفْسِ للضَّيْفِ زادْ

قَصَفْتَهُ مِن سِدْرَةِ المُنْتَهى

غُصْناً فَشُلَّتْ يَدُ أَهْلِ الفَسادْ

يا ثالِثَ السِّبْطَيْنِ خَلَّفْتَني

أهِيمُ مِن هَمِّيَ فِي كُلِّ وادْ

يا نائِماً فِي غَمَراتِ الرَّدى

كَحَلَتَ أَجْفاني بِميلِ السُّهادْ

وَياضَجيعَ التُّرْبِ أَقْلَقْتَني

كَأَنَّما فَرْشِيَ شَوكُ القَتادْ

دُفِنْتَ فِي التُّرْبِ وَلَو أَنْصَفُوا

ما كُنْتَ إلاَّ فِي ضَميرِ الفُؤادْ

لَوْ لَمْ تَكُنْ أَسْخَنْتَ عَيْنِيْ سَقَتْ

مَثْواكَ عَيْنَايَ كَصَوْبِ العِهادْ

خَليفَةَ اللَّه اصْطَبِرْ وَاحْتَسِبْ

فَما وَهى البَيْتُ وَأنتَ الْعِمادْ

فِي الْعِلْمِ وَالحِلْم بِكُمْ يُقْتَدى

إِذْا دَجَا الْخَطْبُ وَضَلَّ الرَّشادْ

أنْتَ سَماءٌ طَلَعَتْ زُهْرُها

لا يُنْقِصُ الآفِلُ مِنْها عِدادْ

وَأنتَ لُجُّ الْبَحْرِ ما ضَرَّهُ

أَنْ سالَ مِن بَعْضِ نَواحِيهِ وَادْ

حُبُّكَ فَرْضٌ فِي قُلوبِ الْوَرى

وابْنُ الولا يُعْدَلُ بِابْنِ الْوِلادْ

يا نُوحُ رِثْ أعمارَنا وَاحْتَكِمْ

مَلَّكَكَ اللَّه رِقابَ الْعِبادْ