تبسم ثغر الزهر عن شنب القطر

تَبَسَّمَ ثَغْرُ الزَّهْرِ عَن شَنَبِ الْقَطْرِ

وَدَبَّ عِذارُ الظّلِّ فِي وَجْنَةِ الزَّهْرِ

فَإنْ رَقَّ وَاعْتَلَّ النَّسيمَ صبابَةً

إِذْا مَرَّ فِي تِلْكَ الرّياضِ فَعَنْ عًذْرِ

تَوَسْوَسَتِ الأغْصانُ عِنْدَ هُبوبِهِ

فَما بَرِئَتْ إِلاَّ عَلى رُقْيَةِ الْقُمْري

يُخادِعُني الْوَرْدُ الْجَنُّي وَإنَّني

بِوَجْنَةِ مَنْ أهْواهُ قَدْ حِرْتُ فِي أَمْري

وَيَبْسِمُ عَنْ زَهْرِ الأقاحِ بَنَفْسَجٌ

فَأَلْثُمُهُ شَوْقاً إِلى لَعَسِ الثّغْرِ

وَبِي عاطِرُ الأنْفاسِ يُنْسَبُ ظُلْمُهُ

وَناظِرُهُ الفَتَّانُ لِلشِّحْرِ وَالسِّحْرِ

تَرى قُنْدُسَ الشَّرْبوشِ فَوْقَ جِبينِهِ

كأَهْدابِ أَحْداقٍ بَهَتْنَ إِلى الْبَدْرِ

أُبَرِّدُ أَشْواقِي بِجَمْرَةِ خدِهِ

فَمِنْ عَجَبٍ أَنْ يَنْطَفِي الْجَمْرُ بِالْجَمْرِ

وَأَطْمَعُ أَنْ يُعْديِهِ قَلْبي بِرِقَّةٍ

فَأُلْصِقُهُ عِنْدَ العِناقِ إِلى صَدْري

سَقَى اللَّهُ أعلامِ مِنْ أَخْلاطَ قَلْعَةً

يَحُومُ بِها نَسرُ السَّماءِ عَلى وَكْرِ

وَداراً عَلى خِيْرِ الطَّوالِعِ أُسِّسَتْ

فَمَنْ حَلَّ فِيها فِي أَمانٍ مِنَ الدَّهْرِ

يُجَلِّي صَدا الأَبْصارِ لَمْعُ بَياضِها

فَتَحْسَبُها قَدْ أُلَبِسَتْ بَهْجَةَ الدُّرِّ

وَقَدْ أَنْبَتَتْ أَرْكانُها مِنْ نُقوشِها

تَماثِيلَ رَوْضٍ لَمْ يَزَلْ يانِعَ الزَّهْرِ

تَكادُ تَمَسُّ المِسْكَ مِنْ نَسَمَاتِها

وَيَقْطُرُ مِنْ أَرْجائِها وَرَقُ التِّبْرِ

تَسُرُّ وَتُلْهي ساكِنيها بِحُسْنِها

فَإنْ شِئْتَ أَغْنَتْ عَن غِناءٍ وَعَن خَمْرِ

إِذْا فُتِحَتْ أَبْوابُ مُشْتَرَفاتِها

جَلَتْ لَكَ نونَ البَحْرِ وَالْوَحْشَ فِي الْبَرِّ

فإنْ شِئْتَ لِلأُخْرَى فَمِحْرابُ ناسِكٍ

وَإنْ شَئْتَ لِلدُّنْيا فَرَيْحانَةُ الْعُمْرِ

وَإِنْ جُمِعا فَاللَّهُ ما زالَ جامِعاً

شَتيتَ الْعُلَى لِلأَشْرَفِ بنِ أَبي بَكْرِ

مَليكٌ يَخُوضُ الْجَيْشُ ضَرْباً بِسَيْفِهِ

ومَا زالَ موسى بِالعَصا فالِقَ الْبَحْرِ

عَليمٌ لَهُ سَهْمٌ مِنَ الْغَيْبِ صائِبٌ

ومَا كُلُّ موسى مُسْتَمِدٌّ مِنَ الخضْرِ

كَريمٌ يُحَيَّا بِشْرُهُ قَبْلَ جُودِهِ

وَلِلْبَرْقِ لَمْعُ بَعْدَهُ وابِلُ الْقَطْرِ

سَيَمْلِكُ أَقْصَى الأرْضِ بُشْرى ضَمانُها

عَلى الرَّأيِ وَالرَّاياتِ وَالنَّصْلِ وَالنَّصْرِ

وَسُمْرٍ أَجادَتْ صَنْعَةَ النَّظْمِ فِي الْكُلى

وَبيضٍ أَجادَتْ فِي الطُّلى صَنْعَةَ النَّثْرِ

وَجَيْشٍ لِعَيْنِ الشَّمْسِ كُحلٌ بِنَقْعِهِ

إِذْا رَمَدَتْ مِنْ لَمْعِ أَسْيافِهِ الْبُتْرِ

وَأُسْدِ عَلى جُرْدٍ لَهَا مِثْلُ صَبْرِهِمْ

إِذْا ما تَجَلَّى الْمَوْتُ فِي الْحُلَلِ الْحُمْرِ

دِماءٌ أعاديهِمْ شَرابُ رِماحِهِمْ

وَأجْسامُهُمْ هَدْيٌ إِلى الذِّئْبِ وَالنَّسْرِ

أَبا الْفَتْحِ لِلرَّحْمنِ فِيكَ سَريرَةٌ

سَيَنْقُلُها عَمَّا قَليلٍ إلَى الْجَهْرِ

فَلَيْسَ الَّذي أَعْطاكَ حَضَّكَ كُلَّهُ

وَلكِنَّهُ لا بُدَّ لِلصُّبْحِ مِن فَجْرِ

بَقِيْتَ لِدينِ اللَّهِ تُعْلِي مَنارَهُ

وَتَهْدِمُ بِالإِسْلاَمِ قاعِدَةَ الكُفْرِ