قم يا غلام ودع مقالة من نصح

قُمْ يا غُلاَمُ وَدَعْ مَقالَةَ مَنْ نَصَحْ

فَالدِّيكُ قَدْ صَدَعَ الدُّجى لَمَّا صَدَحْ

خَفِيتْ تَباشِيرُ الصَّباحِ فَسَقِّني

ما ضَلَّ فِي الظّلْماءِ مِنْ قدحِ القَدَحْ

صَهْباءُ ما لَمَعَتْ بِكَفِّ مُديرِها

لِمُقَطِّبٍ إِلاّ تَهَلّلَ وَانْشَرَحْ

واللَّه ما مَزَجَ الْمُدامَ بِمائِها

لكِنَّهُ مَزَجَ المَسَرَّةَ بِالْفَرَحْ

وَضَحَتْ فَلَوْلاَ أَنَّها تُرْوِي الظِّما

قُلْنا سَرابٌ أوْ شَرابٌ قَد طَفَحْ

هِيَ صَفْوَةُ الكَرْمِ الْكَريمِ فَما سَرَتْ

سَرَّاؤُها فِي باخِلٍ إِلاَّ سَمَحْ

مِنْ كَفِّ فَتَّانِ الْقوامِ بِوَجْهِهِ

عُذْرٌ لِمَنْ خَلَعَ الْعِذارَ أَوِ افْتَضَحْ

قَمَرٌ شَقائِقُ مَرْجِ وَجْنَتِهِ حِمىً

ما شَفَّهُ سَرْحُ العِذارِ وَلا سَرَحْ

وَلَّى بِشَعْرٍ كَالظَّلامِ إِذْا دَجا

وَأتى بِوَجْهٍ كالصَّباحِ إِذْا وَضَحْ

يَهْتَزُّ كالْغُصْنِ الرَّطيبِ عَلى النَّقا

ذَا خَفَّ فِي طَيِّ الْوِشاحِ وَذا رَجَحْ

النَّرْجِسُ الْغَضُّ اسْتَحى مِنْ طَرْفِهِ

وَبِثَغْرِِه زَهْرُ الأَقاحِ قَدِ اتَّضَحْ

فَكَأَنَّهُ مُتَبَسِّمٌ بِعُقودِهِ

أَو بِالثَّنايا قد تَقَلَّدَ وَاتشَحْ

فِي وَصْفِهِ وَمَدِيحِ موسى خاطِري

مُتَقَسَّمٌ بَيْنَ الْمَلاحَةِ وَالمُلَحْ

الأشْرَفِ المَلِكِ الّذي صَلَحَتْ لَهُ الدُّ

نْيا وَيَعْظُمُ أَنْ أَقُولَ لَهُ صَلَحْ

مَلِكٌ إِذْا ضاقَ الزَّمانُ بِأَهْلِهِ

بُخْلاً تَوَّسعَ فِي المَكارِمِ وَانْفَسَحْ

تَكْبُو السَّحائِبُ إِذْ تُجاري كَفَّهُ

فَالغَيْثُ فِي جَبَهاتِها عَرَقٌ رَشَحْ

وَيُكَلَّفُ الأَسَدُ الهَصورُ بِعَدْلِهِ

فِي الفَقْرِ أَنْ يِرْعَى الْغَزالَ إِذْا سَنَحْ

تَسْتَحْقِرُ الأسيافُ عاتِقَ غَيْرِهِ

وَتَقولُ دونَكَ وَالقَلائِدُ وَالسُّبَحْ

كَمْ مِنْ خَطِيبٍ ذاكِرٍ غَيْرَ اسْمِهِ

لَمَّا تَنَحْنَحَ قالَ مِنْبَرُهُ تَنَحْ

ذَكَرُوا سِواهُ فَنَهَّبوا عَن فَضْلِهِ

بَيْتُ الْكَريمِ دَليلُهُ كَلْبٌ نَبَحْ

بَيْنَ الأنامِ تَنازُعٌ فِي دِينِهِمْ

وَعَلى فَضائِلِهِ الْجَميعُ قَدِ اصْطَلحْ

جَذَبَتْهُ أَنْوارُ الْخِلافَةِ فَاعْتَلى

عَنْ نارِ طُورِ سَمِيِّهِ لَّمَا لَمَحْ

هذاكَ كَلَّمَهُ عَلَى جَبَلٍ وَذا

بِيَدِ ابْنِ عَمَّ الْمُصْطَفى نَالَ الْمِنَحْ

سَعَتِ الْمُلوكُ كما سَعَى لكِنَّهُمْ

خابُوا فَقالَ نَجاحُ سَعْيِكَ قَدْ نَجَحْ

لِلَّهِ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ فِي نَقْمِةٍ

أَسْدَى وَكمْ قَتَلَ العَدَّو ومَا جَرَحْ

سَيْفٌ تَرَقْرَقَ صَفْحُهُ فِي خَدِّهِ

وَالْمَوْتُ خَلْفَ غِرارِهِ لَمَّا صَفَحْ

مَوْلايَ إِنْ ماتَتْ بِبُعْدِكَ هِمَّتي

فَنَداكَ مِثْلُ يَدِ الْمَسيحِ إِذْا مَسَحْ

هُنِّيتَ بِالعامِ السَّعِيدِ الْمُبْتَدا

بِدَوامِ دَوْلَتِكَ الْحميدِ الْمفْتَتَحْ