الجدار الأخضر

غرد على قلمي.. على قيثارتي

اني أحسك في صدى أشعاري

لهبا.. وعاصفة تثور.. وصيحة

تجتاح قلب الشعب كالاعصار

غرد ففي صدري شراع جائع

يشتاق أن يلوي عناد الصاري

أنا لا أطيق الصمت.. فاصرخ في فمي

يا زارع البركان في أوتاري

اني أغص مع الهتاف.. و تنحني،

في لوعة الذكرى، غصون الغار

هذا الجدار.. وخلفه لي قصة

خرساء تكتمها حجار الدار.

هذا الجدار.. يضم بعض هزيمتي

وتشردي.. وتمزقي.. واساري

هذا الجدار.. تنام فيه جحافلي

وغداً تفيق على نداء الثار

مهلا.. اذا مات السكون على يدي

وانهار في زحف الجيوش جداري

ستطل من هذا العرين براعمي

وتقوم تهزأ بالردى أزهاري

أشبال هذي الدار.. بعض عواصفي

وزئيرهم شعري، و لحن كناري

لن يركعوا تحت الظلام وان طغت

خلف الظلام خناجر الاشرار

لن يركعوا.. والحرف في أقلامهم

من جمر ملحمتي وضوء نهاري

*

من أرض “بشمزين” لي أسطورة

عبأت منها أكؤسي وجراري

وأخذت أشرب.. لا قيود تصدني

عنها، ولا صوت الغراب الضاري

أحرقت فيها عتمتي وصوامعي

وفرطت مسبحتي.. وبعت سواري

وبدأت أرسي في “الصنوبر” زورقي

وأقيم مينائي.. وأرض مطاري

ما زلت أشرب.. والضفادع عربدت

حولي، ورجع نقيقها الثرثار

كالموجة انحسرت.. وذاب غرورها

تكسرت عن صخري الجبار

لا حقد يربض في فمي أو ساعدي

لكنني ان قلت، لست أداري

الظامئون.. لهم دمي و محبتي

والجائعون، فتات لحمي العاري

الحاسدون.. الجارحون روايتي

الحاقدون.. الناهشون ستاري

لن يخمدوا حبي ونار ألوهتي

لن يطفئوا مجدي ونور مناري

هذي الصواعق للخلود.. وللردى

صوت الذئاب وعتمة الاسوار

هذا الضجيج يموت خلف مواكبي

هذا الفحيح يضيع بين غباري

 **

من أرض “بشمزين” أنشر رايتي

وأسير: حب الموت بعض شعاري

فأنا هنا.. وهناك صرخة ثائر

وهدير عاصفة.. ونبع دمار

للغاصبين .. الغادرين بأمتي

السارقين كرامتي وغماري

من فرقوا شملي وشمل أحبتي

من مزقوا لحمي و لحم صغاري..

بالصخر.. بالطوفان.. بالدم.. بالردى

بزلازلي.. بصواعقي.. بالنار

سأرد عن هذا التراب نيوبهم

وأزيح عن شعبي رداء العار

ان شوهوا أمسي.. ففي مستقبلي

شمس تبدد ظلمة الاثار

ان قطعوا مني يميني.. أسرعت،

لتعيد ملحمة النضال، يساري

هذي جراحي.. كل جرح يرتمي

درباً لهبة جيشنا الهدار

سأظل أشعل للكفاح قصائدي

وأقود، في جمر اللظى، تياري

وعلى صليب الشعب أرفع جبهتي

ما هم جسمي قسوة المسمار!!