سوانح

( 1 )

عرفت بأن من ماتوا

على وجه الندى أحياءْ

وأن قبيلةَ الموتى

تنامت دونما أسماءْ

كأن الفتحَ خاتمةٌ

على بوَّابةِ الأشياءْ

( 2 )

أقول لمن يخادعني

خدعت براءتي فاهنأ

كأنك فكرةٌ نبتتْ

ولم نسأل عن المنشأ

فكم من خادعٍ يقتاتُ

جهلاً ، جثةَ المبدأ

( 3 )

صبرت على مساوئنا

بهذي الأمةِ الثكلى

وكنت أظنها تحنو

على أحيائِها القتلى

وحين وثبتُ من صبري

لأصرخَ ، بادرتْ مهلا

( 4 )

رأيت الكونَ مسوداً

على أهدابِ من عشقوا

وإن بكاءهم فتوى

بها الأهدابُ تحترقُ

فكلُّ جرائمِ العشاقِ

نكرانٌ لمن وثقوا

( 5 )

ظلمتُ الروحَ لا أدري

بأنَّ نداءها بالآهْ

وأنَّ الظلم مظلمةٌ

به تتشابهُ الأشباهْ

وإن الله أيقظني

فقلتُ هنا ..

هناك الله

( 6 )

دعتني يقظةُ الإبداعِ

أن أغتاب أشعاري

وأن تتكاتف الأحقادُ

في صدري على ناري

لأكتبَ في مديح الشعبِ

رغم منامهِ العاري

( 7 )

سألتُ الجارَ عن معنى

حقوقَ الجارِ في الأمةْ

فقال إغاثةَ الملهوفِ

قال إماطةُ الغمةْ

وقال وقال أشياءً

وأغفلَ سيرةَ الهمةْ

( 8 )

رأيتُ الموتَ رؤيا العينِ

رؤيا تشبه الأحياءْ

به من هيبةِ الأحزانِ

صرفٌ .. لا يعيرُ الماءْ

وحدَّق شاخصاً ومضى

وقال تشابهُ الأسماءْ

( 9 )

يمرُّ الليلُ في بابي

مرورَ السارقِ الحافي

على أوراقهِ حرفي

يذوبُ بحزنهِ الخافي

وحين لمستُ جبْهَتَهُ

رأيتُ جميعَ أوصافي

( 10 )

لجاري نخلةٌ تبكي

وفي أنفاسها عبرةْ

تعيرُ الماءَ للقاصي

وتنسى الحرَّ والحرةْ

جلستُ بظلها يوماً

لأكتبَ هذه الفكرةْ

( 11 )

جدارُ الروحِ لا يدري

بأني أكره الجدرانْ

وأن الغيمةَ الحبلى

على سفرٍ بلا عنوانْ

ولو طوقتها ماتتْ

كما الأرواحُ في الأبدانْ

( 12 )

دنتْ من غير معرفةٍ

وقالت أيها المحسودْ

عجبتُ لمن سيحسدني

سوى أني عيوني سودْ

وقالتْ أنتَ مقتنعٌ

وحبلُ طماعِهم ممدودْ

( 13 )

رأيتُ فراشةً في الدارِ

حين رأيتها ترقى

مقامَ العشقِ

يا ويلاه

من حبٍّ به تشقى

دعتها النارُ للعرفانِ

فارتاحتْ بها حرْقا

( 14 )

كأن سلامَها عبثٌ

ودفءَ سلامها ورقُ

حبتها كذبةُ التاريخِ

أمجاداً لمن سبقوا

كأن الماءَ في يدها

وفي أنفاسها الغرقُ

( 15 )

دعي لي شبهةَ اللاَّ أمنِ

أستسقي سواقيهِ

وأستجدي الهوى حينا

إذا شحَّت أغانيهِ

عليَّ الشعرُ

لن أشدو

بحرفٍ لستُ أعنيهِ

( 16 )

بأرضي لم أجدْ نهراً

وفيها الحبُّ أنهارا

وما من غابةٍ فيها

وصار الناسُ أشجارا

زرعنا في فم الدنيا

مجراتٍ وأعمارا

( 17 )

عليكَ حقوقُ من ماتوا

عليَّ حقوقُ من رحلوا

أخي ، لا تجعل الدنيا

حصاداً فيه تنشغلُ

مروركَ عابرٌ فيها

كمن في بطنها نزلوا

( 18 )

صفي يا هدأةً في الليلِ

كيف الليلُ من دوني

عرفتكِ جثةً تختارُ موتاً

دون تأبينِ

كأني غاسلُ الموتى

كأن الموتَ تكويني

( 19 )

هي الأيامُ في عدلٍ

وفي ظلمٍ مع الإنسانْ

فخذْ من حكمة التاريخِ

خذْ من فطنةِ الميزانْ

هو العدلُ الذي تحياهُ

دوماً

شعرةُ ( القبانْ )

( 20 )

لمن يمتدُّ بي سفرٌ

الى سفرٍ بلا سفرِ

كأن جريرة الأوطانِ

أن تبقى على حذرِ

بلادٌ تملأُ الدنيا

لماذا لم تَسَعْ نظري

( 21 )

ترى هل تعرفُ الأحزانُ

أني من رعاياها

وأني في مقام الحصْرِ

سردٌ في بقاياها

وليس تعلُّقي بالآهِ

إلا من حكاياها