أبى الدهر إلا فعالا خسيسا

أَبِى الدَّهْرُ إِلاَّ فَعَالاً خَسِيْسَا

وَصَرْفاً يُبْدِّلُ نُعْمَاهُ بُوسَا

وَكُنْتُ أَرَى وَجْهَهُ ضَاحِكَاً

فَأَبْدَلَنِي مِنْهُ وَجْهَاً عَبُوسَا

وَشَيَّبَنِي حَادِثَاتُ الزَّمَانِ

وَأَحْدَاثُهُنَّ تُشِيْبُ الرُّؤُوسَا

وَنَازَعَنِي الدَّهْرُ ثَوْبَ الشَّبَابِ

فَنَازَعَنِي مِنْهُ عِلْقَاً نَفِيْسا

يُعَاتِبُنِي إِنْ أَطَلْتُ الجُلُوسَ

وَعَنْ عُذُرٍ مَا أَطَلْتُ الجُلُوسَا

وَقَدْ يَمْكُثُ السَّيْفُ فِي غِمْدِهِ

مَصُوناً وَيَسْتَوْطِنُ اللَّيْثُ خَيْسَا

أَأَخْدُمُ مَن كَانَ لِي خَادِمَاً

وَأَتْبَعُ مَنْ قَدْ رَآنِي رَئِيْسَا

جَفَوْتُ النَّدِيْمَ إِذَاً والْمُدَامَ

وَأَصْبَحْتُ أُوذِي عَلَيهَا الجَلِيْسَا

كَأَنِّيَ لَمْ أَعْدُ فِي مِقْنَبٍ

أَفُلُّ بِحَدِّ الخَمِيْسِ الخَمِيْسَا

وَأَقْتَنِصُ الوَحْشَ فِي بِيْدِهَا

بِمُضْمَرَةٍ تَجْتَذِبْنَ المُرُوسَا

تَرُوعُ الظِّبَاءَ بِأَشْخَاصِهَا

فَتَقْبِضُ قَبْلَ الجُسُومِ النُّفُوسَا

وَلَمْ أَدِرِ الكَأسَ في فِتْيَةٍ

نُبَاكِرُهَا قَهْوَةً خَنْدَرِيْسَا

كَأَنَّ الكُؤُوَس بِأَيْدِيهِمُ

نُجُومُ سَمَاءٍ تُلاَقِي شُمُوسَا

وَيَا رُبَّ يَوْمٍ تَمَلَّيْتُهُ

سُرُورَاً ببَطْاسَ أو بَانَقُوسَا

وَيَا حَبَّذَا الدَّيْرُ دَيْرَ البَرِيْجِ

تُجِيْبُ النَّوَاقِيْسُ فِيْهِ القُسُوسُا

وَهَيْفَاءَ لَوْ لَمْ تَمِسْ ما اهْتَدَى قَضِيْبُ

الرِّيَاضِ إلَى أَنْ يَمِيْسَا

وَلَو بَرَزَتْ لِنَصَارَى المَسِيْ

حِ عِيْسَى لَدَانُوا بِهَا دُونَ عِيْسَى

إِذَا شِئْتُ أُنْطِقُ فِي حِجْرِهَا

لِسَانٌ فَصِيْحٌ يُهِيْجُ الرَّسِيْسَا

وَآمِرَةٍ بِرُكُوبِ الفَلاَةِ

وَأنْ أُعْمِلَ الطَّرْفَ وَالعَنْتَرِيْسَا

رَأَتْنِي قَنِعْتُ وَلَمْ أَلْتَمِسْ

لِقَاءَ وُجُوهْ تُطِيْلُ العُبُوسَا

دَعِيْنِي أُمَارِسُ صَرْفَ الزَّمَانِ

وَأَلْبَسُ فِي كُلِّ حَالٍ لَبُوسَا

فَإِنَّ الثِّيَابَ إِذَا مَا خَلُقْ

نَ كَانَتْ جُلُودُ الرِّجَالِ اللَّبُوسَا

فَإِنِّي رَأَيْتُ فُرُوعَ الكِرَامِ

يَشِبْنَ إِذّا مَا ابْتَذَلْنَ الرُّؤُوسَا