تعطف علينا أيها الغصن الغض

تَعَطَّفُ عَلَيْنَا أَيُهَا الغُصُنُ الغَضُّ

أَمَا مِنْكَ شَمٌّ يُسْتَفَادُ وَلاَ عَضُّ

جَنَاكَ جَنىً فِيْهِ شِفَاءٌ وَصِحَّةٌ

وَلَكِنْ لَنَا فِي طَرْفِكَ السَّقَمُ المَحْضُ

تَرَكْتَ طَبِيْبِي حَائِرَاً فِي بَاكِيَاً

عَلَيَّ بِعَيْنٍ مَا يُصَافِحُهَا غَمْضُ

وَيَعْجَبُ مِنِّي أَنْ أُطِيْقَ جَوَابَهُ

وَقَدْ كَادَ يَخْفَى فِي مَجَسَّتِيَ النَّبْضُ

فَحَتَّامَ لاَ تَشْفِي العَلِيْلَ بِزَوْرَةٍ

هِيَ الرُّوحُ لِلْجِسْمِ الذِي مَالَهُ نَخْضُ

بَدَتْ مَوْهِنَاً فِي رَادِعِ اللَّوْنِ تَحْتَهُ

غَلاَئِلُ نُورٍ حَشْوُهَا بَرَدٌ بَضُّ

وَمَاسَتْ كَمَيْسِ الخَيْزَرَانَةِ وَاتَّقَتْ

بِأَحْسَنِ مُسْوَدٍّ بَدَا فِيْهِ مُبْيَضُّ

وَقَدْ نَقَضَتْ عَهْدَ الصَّفَاءِ كَأَنَّهَا

أُنَاسٌ هَوَاهُمْ فِي عُهُودِهِمْ النَّقْضُ

لِئَامٌ إِذَا مَا غِبْتُ عَنْهُمْ تَجَمَّعُوا

عَلَى غَيْرِ مَا أَهْوَى فَإنْ أَبْدُ يَنْفَضُّوا

أُفَرِّقُهُمْ عِنْدَ انْقِضَاضِي عَلَيْهِمُ

كَمَا طَفِقَ البَازِي عَلَى الطَّيْرِ يَنْقَضُّ

يَعُدُّونَ إِحْسَانَ الصَّدِيْقِ إِسَاءَةً

وَيَهوَونَ أَنْ يَرْضَوا وَيَأَبَوْنَ أَنْ يُرْضُوا

وَقَدْ أَكْسَبَتْنِي نِعْمَةُ اللَّهِ بُغْضَهُمْ

فَلاَ زَالَتِ النُّعْمَى وَلاَ بَرِحَ البُغْضُ

وَكُنْتُ إِذَا مَا عَابَنِي ذُو دَنَاءَةِ

يُكَابِدُ ضِغْناً فِي حَشَاهُ لَهُ مَضُّ

أبِيْتُ لِمَجْدِي أَنْ أُسَاجِلَ مِثْلَهُ

وَحَاشَى سَمَاءً أَنْ يُشَاكِلَهَا أَرْضُ

وَمَالِيَ أَخْشَى حَاسِدَاً أَوْمُعَانِدَاً

وَلَيْسَ لَهُ بَسْطٌ عَلَيَّ وَلاَ قَبْضُ

نِبَالِيَ أَقْلاَمِي وَسَيْفِيَ مِقْوَلِي

بِهِ الدَّهْرَ أَبْكَارَ البَلاَغَةِ أَفْتَضُّ

تُرِيْكَ وُجُوهَ المَكْرُمَاتِ ضَوَاحِكَاً

وَتُوضِحُ مُسْوَدَّ الأُمُورِ فَتَبْيَضُّ

وَكَمْ حَقَّقَ الأَمْرَ الذِي هُوَ بَاطِلٌ

وَكَمْ دَحَضَ الحَقَّ الَّذِي مَالَهُ دَحْضُ

وَمَا شِئْتَ مِنْ نَفْسٍ عَزُوفٍ ومَذْهَبٍ

شَرِيْفٍ وَتَرْكِيْبٍ حَكَى بَعْضَهُ بَعْضُ

وَإِلاَّ بَكَى عُرْفٌ كَثِيْرٌ كَثِيْرٌ مَنَعْتُهُ

فَعِنْدِي عَلَيْهِ الهَزُّ والحَثُّ والحَضُّ

وَأَكْرَمْتُ أَعْرَاضِي بِمَالِي فَصُنْتُهَا

وَمَنْ جَادَ لَمْ يَدْنَسْ لَهُ أَبْدَاً عِرْضُ

وَحُمِّلْتُ أَعْبَاءَ الدُّيُونِ وَإِنَّمَا

أَمَارَةُ جُودِ المَرْءِ أَنْ يَكْثُرَ القَرْضُ

وحَصَلَّتُ أَسْرَارَ الصَّدِيْقِ بِمُحْرَزٍ

مِنَ الحِفْظِ عِنْدِي مَا لِخَاتَمِهِ فَضُّ

أَبَا بَكرٍ اسْلَمْ لِلْمَوَدَّةِ والصَّفَا

فَوُدُّكَ بَاقٍ لا يَحُولُ وَلاَ يَنْضُو

مُنِيْنَا بِمَنْ نُغْضِي لَهُمْ عَنْ عِثَارِهِمْ

وَهِمَّتُهُمْ فِيْنَا التَّنَقُّصُ وَالغَضُّ

وَأَنْتَ امرُؤٌ تَصْفُو إِذَا كَدُرَ الوَرَى

وَتَحْلُو إِذَا مَا شَابَ وَدَّهُمُ حَمْضُ

مَتَى يَشْقَ خِلُّ بِالتَّغَيُّرِ مِنْ أَخٍ

خَؤُونٍ فَحَظِّي مِنْ مَوَدَّتِكَ الخَفْضُ