رأيت البرايا بين فان يجدد

رأَيتُ البَرايا بينَ فانٍ يُجدَّدُ

وَبَينَ جَديدٍ بالفنا يتبدَّدُ

نَعيشُ لكي نَفني وَنَفني لاجلما

يَعيشُ الَّذي من بعدنا يتولَّدُ

ولادتنا والموت سيّانِ عندنا

اذا كانَ في الامرين لَيسَ لنا يَدُ

وانَّ التَساوي بيننا هُوَ فيهما

وَبَينَهما فينا التَفاوتُ يوجدُ

خليليَّ ان كانَ الزَمان كَما ارى

فَحسبيَ يَومي وليكن لكما غدُ

رمَتني اللَيالي بالنوائب يافعاً

تَقولُ انتبه هَذا الَّذي انتَ توعَدُ

يعوزُكَ صَبرٌ في زمانك فاِقتصِد

بِهِ وادَّخرهُ مُنذُ ما انتَ امردُ

فرحتُ وَبي جرحٌ من الدهر مؤلمٌ

كأَنيَ غمدٌ وَالزَمان مهنَّدُ

اذا لم يكن غمد الحسام كنصلِهِ

شَديداً فَراهُ نصلُهُ وَهو مغمَدُ

سَلامٌ من اللَه العليّ وَرَحمَةٌ

عَلى من ثوت معهُ قُلوبٌ واكبدُ

سَلامٌ عَلى وجه الخَليل وَنارُهُ

عَلى فقدِهِ طيَّ القلوب تَوقَّدُ

مَضى من اذا عُدَّ الرجال فانهم

كَثيرون الّا انهُ المتفرّدُ

تجرَّدَ لِلَّهالعليّ فَلَم يَزَل

بطاعَتِهِ من وصمةٍ يتجرَّدُ

فَتَبكي لَهُ التقوى باجفان أَهلها

وَباللُسن تروي فَضلُهُ وتعدّدُ

عَلى قدم الاحسان قد سار سالِكاً

من الطرقِ ما يُفضي الى حيث يقصدُ

وَلما رأَى الدنيا طَريقاً الى البقا

تزوَّد منها خيرَ ما يُتَزوَّدُ

تَلقى البلايا لم تُبد كَنزَ صبرِهِ

وَلَو بَقيت دَهراً لما كانَ ينفَدُ

وَقَد أَثَّرت في الجسمِ منهُ بُعَيدَ ما

تفلَّل عجزاً سيفها المتجرّدُ

فوَلَّت وَفي احشائها منهُ حسرَةٌ

نعم وَلَهُ منها ثوابٌ مؤَبَّدُ

وحلَّ ضَريحاً صارَ معدنَ جوهرٍ

لانَّ بِهِ بيضَ الفَضائِل تُنضَدُ

سَقاهُ بطرف الحزن من قد بكى لَهُ

دموعَ سرورٍ فهيَ اندى وابردُ

عَلى جسمِهِ ميتاً يُناح وإِنَّما

يُسَرُّ لَهُ حيّاً بِنَفسٍ تخلَّدُ

مَضى في طَريقٍ كلنا سالِكٌ بِهِ

فاِعجَلُنا في ذلك السيرِ اسعدُ

واجسامُنا اللآئي لنا سَلَكَت بِهِ

قَديماً فَكَيفَ اليوم لا تَتعوَّدُ

نَرى كلَّنا يَنسى المنيَّة غافِلاً

فيهتمُّ في هذي الحياة ويجهَدُ

وَعند مجيءِ الموت يَنسى حياتَهُ

فَما عُمرُهُ الّا دَقيقَةُ يُفقَدُ