قرع الزمان عليك سن النادم

قَرَعَ الزَمانُ عليك سنَّ النادِمِ

من حيثُ مَدَّ اليك كفَّ الظالمِ

حتىّ بكاك مع البواكي جاعِلاً

عَبَراتِهِ دمعَ السَحاب الساجمِ

يا غُرَّةً بجبينهِ بل دُرَّةً

في عنقهِ لا من جواهر ناظمِ

إن كانَ يبكيك الزَمانُ فَلا تسل

عن حالنا في خَطبك المتفاقمِ

فَرضٌ عليَّ لك الرثآءُ اخطُّهُ

بدمٍ على لوح الفؤاد الهائِمِ

ذا أَدمُعٍ مسكوبَةٍ وَحُشاسةٍ

مَسلوبَةٍ وحشا كَئيبٍ واجمِ

أَيُّ المحامد لم تكن لك خَلَّةً

فَكأَنَّ طينك كان محضَ مكارمِ

مُتواضع النفس الرَفيعة في العُلى

متصاغِرٌ في رتبة المتعاظمِ

كالنجم يَسفُل في الغَدير مِثالُهُ

حَتىّ لَتَطمَعُ فيهِ كفُّ الرائِمِ

عَطِرُ الصفات لطيف ذاتٍ مثلما

فاح الأَزاهرُ في خِلال نَسائِمِ

شَهمٌ كَريم يدٍ كريم شمائِلٍ

راقي ذرى العَليا سَليل أَكارمِ

صافي السريرة ذو فؤادٍ مُخلِصٍ

عَفُّ الإِزار حصيف رأي حازمِ

وَلَهُ الوجاهةُ وَالنَباهةُ وَالعُلى

وَالمَجد والجود البَديع الحاتمي

مُغرىً بمنفعة الخلائق مُغرَمٌ

بِقَضاء حاجاتٍ وَحَمل مَغارِمِ

متفرّدٌ خَلقاً وَخُلقاً ما بِهِ

من وَصمةٍ لمفندٍ أَو لائِمِ

قصف الزَمانُ لَهُ شَباباً ناضِراً

لَدنَ المَعاطِف رَطبَ قدٍّ ناعمِ

كالسيف في الأَكفان أُدرج مُغمَداً

وَالبَدرِ ملتحفاً بظلّ غمائِمِ

جبلٌ بمصرَ هَوى فَلَم تأمن بها ال

أَهرامُ بعد سقوطِه من هادمِ

عَظُمت رزيئتهُ وجلَّ مُصابهُ

ما بين عُربٍ في الملا وأَعاجِمٍ

خَطبٌ عَظيمٌ لَم يُقَس بعظائِمٍ

بين الخطوب وَلَم يُظَق بعزائِمِ

عَقَدت بِهِ الايامُ في استحكامها

عَقداً شَديداً ما لَهُ من فاصمِ

وَدَجا بِهِ لَيلُ الكروب وَهَكَذا

بِتنا نَراهُ نظيرَ حُلم النائِمِ

وَلى الى دار البقآءِ مُزايلاً

دار الشقا فحظي بمجدٍ دائِمِ

سُرَّت بجبرائيلَ أَجنادُ العُلى

فَتَباشَرَت وَزَهَت بِثَغرٍ باسمِ

لِلقآئِهِ في الاوج صَفقةُ جاذِلٍ

وَلِفَقدِهِ في الارض صَفقةُ لاطمِ

صبراً احبَّتَهُ ولكن هل لكم

للصَبر فيهِ من فؤادٍ سالمِ

فاذهب رعاك اللَه من متجدد ال

ذِكرى على طول المدى المتقادمِ

وَعَلى ثراك من السَموات العُلى

اذ أَرَّخوك انهلَّ غيثُ مراحمِ