هو الموت الا ان خطبك اعظم

هُوَ المَوتُ الّا انَّ خَطَبك اعظُم

ورزؤُك في الارزآءِ اشجى واجسمُ

ومن فَلَتات الدهر امرُك إِنَّهُ

لأَشفَقُ في أَمثالِ هَذا وارحمُ

لك اللَهُ مَيتاً كالقَتيل ولَم يَسل

لَهُ من دمٍ لكن مدامعُنا الدمُ

وان نحن طالبنا المَنايا بثأرِهِ

رمتنا وَقالت مَن يطالِبُ عنكمُ

وان نحن عاتبنا الزَمان بفعلِهِ

قَرعنا سَماعاً ما لَهُ من يترجِمُ

فعُدنا وقد خبنا من الدهر مأمَلاً

نَنوحُ على ما كان منهُ ونَلطِمُ

كَذا الدَهرُ الّا أَنَّ مَن زاد همُّهُ

وقصَّر عن تَفريحهِ يَتَظَلَّمُ

فقدنا بَني الاوطان عُضواً مكرَّماً

كَجِسمٍ مضَت مِنهُ يَدٌ فهو أَجذَمُ

أَلا إِنَّنا في فقدِهِ اليوم أُسرةٌ

واوطانُنا في نوحهِ اليوم مأتمُ

على مِثلِهِ يُبكى وَهَيهات مِثلُهُ

فَتىً طابَ منهُ القَلبُ وَاليَدُ وَالفَمُ

فَتىً مِثلُ حدّ السيف رأَياً وهمَّةً

وَكالصَفح منهُ وجهُهُ المتبسِّمُ

رَبا في تَليد العلمِ والجاهِ واِغتَذى

بأَثدى الحجى والفضل من قبلُ يفطَمُ

وَربى طريفَ العلم والجاهِ فاِغتَدى

لهُ من كلا الامرين حظٌّ ومغنَمُ

وَخاض أَفانين السياسة مُطلِقاً

بِها سيفَ فكرٍ لم يكن يتثلَّمُ

وسرَّح في الآداب فكرةَ حاذِقٍ

يهذِّب اخلاقاً بها وَيقوّمُ

وكان مِثالاً للرجال وقُدوةً

بما تَقتَضي العَليا وَيَبغي التكرُّمُ

بعيد المُنى شهمُ الفؤاد محنَّكٌ

بديع الثنا بين العباد مكرمُ

نبدَّت عليهِ للجرائد وحشةٌ

على عدد الاجزآءِ منها تُقَسَّمُ

فكم خطَّ فيها من فصولٍ يراعُهُ

فَكانَت طِرازاً منهُ بالوَشي يُعلَمُ

وَدائرةٍ قد كان مركزَها غدت

لحزنٍ عليهِ بالمدامع تُرسَمُ

رمتهُ المنايا بالسهامِ وحولهُ

رماحٌ من الاقلام سمرٌ واسهُمُ

وعبَّت عليهِ للقتال كتائباً

ومن حولِهِ للكُتب جيشٌ عَرمَرمُ

تحدّى اباهُ في الحياة وفي الردى

فكانَ لَهُ في الحالَتين بيَمِّمُ

وابقى لنا من بعدِهِ خَلفاً لَهُ

نَجيباً كما ابقى الأَبُ المتقدِّمُ

لئن غابَ عنّا النيرانِ لَقَد بقي

شِهابٌ يُعيد الصبحَ وَالليلُ مُظلِمُ

وَقَد طَلَعا في قبة الافق مثلما

باوج العُلى تَبدو شُموسٌ وانجُمُ

لدى منزلٍ كُلٌّ اليهِ مسافرٌ

وَلَيسَ الينا راحِلٌ منهُ يَقدَمُ