أطلت نأيك عني

أَطَلْت نَأْيَكَ عَنِّي

وَسُمْتَنِي البُعْدَ شَهْرَا

أَلشَّهرُ بَعْضُ اللَّيَالِي

وَرُبَّما كَانَ عُمْرَا

كَمْ فِي تَدَاوُلِ شَهْرٍ

يُجَدّدُ اللهُ أَمْرا

كَمْ أُمَّة تَتَسَامَى

فِي حِينِ تَسْقُطُ أُخْرَى

كَمْ لَيْلَةٍ تَتَقَضَّى

وَلَيْسَ تُعْقِبُ فَجْرَا

كَمْ حَالةٍ يَتَوَالَى

مَا سَاءَ مِنْهَا وَسَرَّا

كمْ أَزْمَة تتَوَلَّى

فَتُتْبِعُ العُسرَ يسْرَا

أَلَسْتَ فِي الشَّهرِ تَشْدُو

صَوْتاً فَتُطرِبُ دَهْرَا

كمْ فِي ثَلاَثِينَ يَوْماً

أَكْسَبْتَ مِصْرَكَ فخْرَا

كَمْ صُغْتَ آيَةَ وَحْيٍ

يُعِيدُهَا النَّاسُ شِعْرَا

وكَمْ بَعَثْتَ حَيَاةً

فِي قَلْبِ صَخْرٍ فَدَرّا

وَكَمْ نَسفْتَ بِنَاءً

لِلظالِمِينَ فَخَرَّا

وَكَمْ بَكَيْتَ فَأَبْكيْتَ

وَادِي النِّيلِ نَهْرَا

وَكَمْ حَثَثْتَ فَأَذْكَيْتَ

مُزْبَدَ المَاءِ جَمْرَا

وَكَمْ رَفَعْتَ لِقَوْمٍ

ذِكْراً وقَوَّضْتَ ذِكرَا

فِي نَادِيَاتٍ ذَوَاكٍ

لاَ تُعْقِبُ الشَّرْبَ سُكْرَا

مِنَ القَوَافِي اللَّوَاتِي

مُلِئْنَ أُنْساً وَسِحْرَا

ترِقُّ فِيهَا فَتَصْفُو

نُوراً وَتَخْلُصُ نَشْرَا

فيَا أَخَا الوُدِّ حَسْبِي

أَسىً وَحَسْبُكَ هَجْرَا

إِنْ كُنْتَ تُخْبِرُ صَبْرِي

لَمْ يُبْقِ لِي الشَّوْقُ صَبْرَا

أَوْ تَبْتَغِي لِيَ أَجْراً

كَفَى بِمَا فَاتَ أَجْرَا