أليوم تم الفرح الأكبر

أَليَوْمَ تَمَّ الفرَحُ الأَكْبَرُ

وَانْجَابَ ذَاك العَارِضُ الأَكْدَرُ

قَدْ رَأَبَ الصُّلحُ صُدُوعاً جَرَتْ

بِالدَّمِ مِنْ جَرَّائِهَا أَنْهُرُ

وَأَقْبلَ الأَمْنُ بِآلاَئِهِ

فَكُلَّ نَفْسٍ بِالرِّضا تَشْعُرُ

كَأَنَّما الأَمْنُ رَبِيعٌ لَهُ

فِي كُلِّ مَا مَدَّ بِهِ مَظْهَرُ

فَحَيْثُ يَخْفَى عَبَقٌ فَائِحٌ

وَحْيُثُ يَبْدُو غُصُنٌ مُزْهِرُ

وَالدَّهْرُ فِي أَثْنَائِهِ بَاسِمٌ

وَالعَيْشُ فِي أَفْيَائِهِ أَخْضَرُ

وَلِلْمُنى مِنْ رَاحِهِ مَوْرِدٌ

وَلِلْغِنَى عنْ سَاحِهِ مَصْدَرُ

مَا أَبْهَجَ السَّلمَ وَتَبْشِيرَهُ

وَغِبْطَةَ الْخَلْقِ بِمَا بُشِّرُوا

قَدْ نَافَسَ الأَيامَ لَكِنَّهُ

نَافسَهُ اليَوْمُ الَّذِي نَحْضَرُ

فَكَادَ لاَ يَدْرِي مُحِبُّوكُم

أَيُّ السُّرُورَيْنِ هُوَ الأَوْفَرُ

سَلُوا الأُولَى تَفْتِنُ أَنْوِارُكمْ

أَمَا نَسُوا أَنَّ الدُّجَى مُقْمِرُ

سَلُوا الأُولَى تُعْجِبُ أَزْهَارُكُمْ

وَرْدُ الرُّبَى أَمْ وَرْدكُمْ أَفْخَرُ

أَوْفَى السعَادَاتِ لِمَنْ بَاتَ فِي

أَمْنٍ وَقَدْ أَدْرَكَ مَا يؤْثِرُ

وأَشْمَلُ النُّعمَى بِأَفْرَاحِهَا

هِيَ الَّتِي يَحْظَى بِهَا الأَجْدَرُ

أَلْحَمْد لِلّهِ عَلَى أَنْ خَلَتْ

حَرْبٌ بِهَا قُصِّمتِ الأَظْهُرُ

كادَتْ تَرِيبُ الخَلْقَ لوْ لمْ يَرَوْا

فِي الغِبِّ أَن الْحَقَّ مُسْتظْهَرُ

كارِثةٌ أَعْظَمَهَا دهْرُهَا

وَمِثْلُهَا تُعْظِمَهُ الأَدْهُرُ

مَا أَكْرَبَتْ تَبدو بِآفَاقِهَا

نجُومُ نَحْسٍ شَرُّهَا مُسْعَرُ

حَتَّى أَتَاحَ اللّهُ تِلْقَاءَهَا

نُجُومَ سَعْدٍ نَوْءُهَا خَيِّرُ

فِي مِصْرَ مِنْهَا كَوْكَبٌ نيِّرٌ

يَا حَبَّذَا كَوْكَبُهَا النَّيرَ

كَأَنَّما الأُعُيُنُ كَاساتُهُ

كَأَنَّما لأْلاَؤُهُ كَوْثَرُ

أَوْفَى فَلَمْ يُحْجَبْ هُدَى نوِرهِ

إِلاَّ وَإِصْبَاحُ الْهُدَى مُسْفِرُ

بِنْت الثُّرَيَّا أَنَا مُسْتَخْبِرٌ

لَعَلَّ ذَا مَعْرِفَةٍ يُخْبِرُ

إِذَا بَدَا الفَجْرُ وَآيَاتُهُ

كَأَنَّها رَايَاتُهُ تُنْشَرُ

وَلَبِثَتْ كُلُّ نَؤْومِ الضُّحى

فِي لُجَجِ الأَحْلاَمِ تَسْتَبْحِرُ

سَاهِرَةَ اللَّيْلِ عَلَى أَنَّها

لِمَرْقَصٍ أَوْ مَقْمَرٍ تَسْهَرُ

تَذْهَلُ أُمُّ الْوُلْدِ عَنْ وُلْدِهَا

وَتَسْتَخِفُّ الرِّيْبَةَ المُعْصِرُ

مَنِ الَّتِي تَنْهَضُ مِنْ بُكْرَةٍ

وَحُرَّةُ القوْمِ الَّتِي تُبْكِرُ

فَتَهْجُرُ التَّرْفِيهَ فِي بَيْتِهَا

وَهْوَ الَّذِي مَا اسْطِيعَ لاَ يُهْجَرُ

وَتَغْتَدِي يُوِفضُ سَيْراً بِهَا

مُنْخَطِفٌ كَالبَرْقِ أَوْ أَسْيَرُ

فِي مَلْبَسٍ شَفَّ بِظَلْمَائِا

عَنْ غُرَرٍ مِنْ شِيَمٍ تَزْهُرُ

تَبْدُرُ مَرْضَاهَا بِإِلْمَامِهَا

وَالعَهْدُ أَنَّ الأَحْوَجَ الأَبْدَرُ

تَأْلَفُ لاَ تَأْنَفُ مُسْتَوْصَفاً

لِلْبُؤْسِ فِي أَكْنَافِهِ مَحْشَرُ

يُمَضُّ مَنْ مَرَّ بِهِ نَاظِراً

لِفَرْطِ مَا يُؤْلِمُهُ المَنظرُ

مَا حَالُ مَنْ تَدْأَبُ تَنْتَابُهُ

تخْبُرُ مِنْ بَلْوَاهُ مَا تَخْبُرُ

مَعْشَرُهَا مِنْ أُنْسِهَا مُوحِشٌ

وَأَتْعَسُ الخَلْقِ لَهَا مَعْشَرُ

مِنْ صِبْيَةٍ فِيهِمْ سَدِيدُ الْخُطَى

وَفِيهُمُ الأَصْغَرُ فَالأَصْغَرُ

أَجَدُّهُمْ بَثّاً وَتَلْعَابُهُمْ

يُبْكِيك إِذْ يَهْذِي وَإِذْ يَهْذرُ

وَفِتْيَةٍ يُودِي بِهِمْ جَهْلُهُمْ

فَهَالِكٌ فِي إِثْرِهِ مُنْذَرُ

وَمُرْضِعٍ مِنْ نَضْبِهَا تَشْتكِي

وَهَرِمٍ مِنْ ضَعْفِهِ يُهْتِرُ

وَطِفْلَةٍ مَا عَربَدَتْ عَيْنُهَا

لَكِنَّ سُقْماً لَوْنُهَا الأَحْمَرُ

وَذَاتِ حُسْنٍ أَحْصَنَتْ عِرْضَهَا

وَإِنْ تَوَلَّى هَتْكَهَا المِئْزَرُ

إِن خَفِرَ الْقَلْبُ فَذَاكَ التُّقى

مَا الثَّوْبُ إِلاَّ ذِمَّة تُخْفَرُ

لَهْفِي عَلَى تِلْكَ النُّفُوسِ الَّتِي

هِيضَتْ وَوَدَّ الْبِرُّ لَو تُجْبَرُ

هِيَ الشَّقاوَاتُ لَقَدْ صُوِّرَتْ

فِي صُوَرٍ تُوحِشُ أَوْ تُذْعِرُ

لهَا وَجَوهٌ بَادِيَاتُ القَذَى

مُبْصِرُهَا يُؤْذِي بِمَا يُبْصِرُ

تَعْبَسُ حَتَّى حِينَمَا تجْتَلِي

ذَاكَ المُحَيَّا طَالِعاً تَبْشرُ

يَا حُْن تِلْكَ المُفَتَدَاةِ الَّتِي

آيَاتُهَا فِي البِرِّ لاَ تُحُصَرُ

لاَحَتْ فَلاَحَ النُّورُ بَعْد الدُّجَى

جَاءَتْ فجَاءَ الدَّهْرُ يستَغْفِرُ

تأْسُو بِرِفْقٍ أَوْ تُوَاسِي بِهِ

قدْ يَضجَرُ الرِّفْقُ وَلاَ تَضْجَرُ

تسَامُ أَقْصى أَلَمِ المُشْتَكِي

وَفوقَ صَبرِ المُشْتَكِي تَصْبرُ

تُطَارِدُ الفَقْرَ بِمَعْرُوفِهَا

وَإِنَّه لَلخاتِل الأَنْكَرُ

تُحَارِبُ الْجُوعَ بِإِيمَانِهَا

وَالْجُوْعُ عَيْنُ الكُفْرِ أَوْ أَكْفَرُ

تَظَلُّ بِالْجُودِ تُعَفِّي عَلَى

مَا يُتْلِفُ التَّسهِيدُ وَالمَيْسِرُ

وَبِالْيَدِ البَيْضَاءِ تَبْنِي الَّذِي

يَهْدِمُهُ الإِدْمَانُ وَالمسْكِرُ

يَلُومُ قَوْمٌ طَوْلَهَا بِالنَّدَى

وَلاَ تَلُومُ الْقَوْمَ إِنْ قَصَّرُوا

وَمَا تُبَالِي كيْفَ كَانتْ سِوَى

مَا طاهِرُ الْوَحْيِ بِهِ يَأْمرُ

عَاذِرَةٌ لِلنَّاسُ وَالنَّاسُ قدْ

تَتَّهمُ الْحُسْنَى وَلاَ تَعْذِرُ

وَبَعْدَ هَذَا كمْ لهَا جَيْئةٍ

فِي يَوْمِهَا أَوْ رَوْحَةٍ تشكرُ

كمْ خِدْمَةٍ فِي كُلِّ جَمْعِيَّةٍ

لِلْخَيْرِ لاَ تَأْلُو وَلاَ تَفْتُرُ

كَمْ دَارِ تَنْكِيدٍ إِذَا أَقْبَلَتْ

عَادَ إِلَيْهَا صَفْوُهَا المُدْبِرُ

كَمْ هَالِكٍ تُنْقِذُهُ مِنْ شَفاً

وَكَادَتِ الدُّنْيَا بِهِ تَعْثُرُ

كَمْ دُونَ عِرْضٍ تَبْتَغِي صَوْنَهُ

تَمْهُرُ وَالأَقْرَبُ لاَ يَمْهُرُ

كَمْ تَتَصَدَّى لِعَلِيلٍ وَمَا

مِنْ خَطَرٍ فِي بَالِهَا يَخْطُرُ

لاَ تكْتَفِي بِالمَالِ لكِنَّها

تُعْطِي مِن الصِّحةِ مَا يُذْخَرُ

كَبِيرَةُ الْقَدْرِ وَلَكِنْ لَدَى

كُلِّ صِغيرِ القَدْرِ تَسْتَصْغِرُ

تَاحَتْ لِمِصْرٍ أُخْتُهَا قَبْلَهَا

بِأَيِّ أُخْتٍ بَعْدَهَا تَظْفَرُ

يتِيمَتَا العَصْرِ هُمَا هَلْ تُرَى

ثَالِثَةٌ تَأْتِي بِهَا الأَعْصُرُ

سِسِيلُ هَلْ تَدْرِينَ تِلْكَ الَّتِي

أَذْكُرُهَا أَنْتِ الَّتِي أَذْكُرُ

لاَ تغْضَبِي مِنْ مِدْحَتِي إِنَّهَا

قَدْ وَجَبَتْ وَالفَضْلُ قَدْ يُشْكَرُ

مَا تُجْزِيءُ الأَقْوَالُ مِنْ هِمَّةٍ

فِيهَا تَقَضَّى عُمْرُكِ الأَنْضَرُ

حَيِّي الصِّبا حَسْنَاءَ أَمْثَالُهَا

بِسِنِّها فِي عَقْلِهَا تَنْدُرُ

فَرْعُ أَبٍ ذِكْرَاهُ فِي قَوْمِهِ

أَخْلَدُ ذِكْرى وَاسْمُهُ الأَشْهَرُ

صُورَةُ أُمٍ ذَاتِ خُلْقٍ سَمَا

يُظْهِرهُ الفَضْلُ وَمَا تُظْهِرُ

سَلِيلَةُ اْلآلِ الْكِرَامِ الأُولَى

فِي كُلِّ نَادٍ صِيتُهُمْ يَعْطَرُ

بِرِقَّة الْجُودِ اسْتَرَقُّوا النُّهَى

وَالْجُودُ مَنْ يُعْطِي وَمَنْ يَسْتُرُ

بَيْتٌ عَتِيقٌ لَمْ تَزَلْ فِي النَّدَى

وَفِي الْهُدَى آثَارُهُ تُؤْثَرُ

إِلَى ابْنِ عِيدٍ زَفَّها قَلْبُهَا

وَالنَّاسُ بِالأَعْيَادِ تَسْتَبْشِرُ

مُورِيسُ مِنْ بَيْتٍ رَفِيعِ الذُّرَى

مَوْضِعُهُ فِي الْجَاهِ لاَ يُنْكَرُ

أَبُوهُ عَالِي الْجَدِّ سَامِي الْحِجَا

وَأُمُّه الْجَوْزَاءُ أَوْ أَزْهَرُ

قَدْ صَدَقَتْ فِيهِ الصِّفاتُ الَّتِي

بِبَعْضِهَا يَفْخَرُ مَنْ يَفخرُ

فَاهْنَأْ بِمَنْ أُوتِيْتَ زَوْجاً فَمَا

زَوْجُكَ إِلاَّ المَلك الأَطْهَرُ

عِيشا بِسَعد وَانْمُوا وَاكْثُرَا

فالنَّسلُ خَيْرٌ مَا زكَا الْعُنْصُر