أيتم أنس أم يطيب ترنم

أَيَتِم أُنْسٌ أمْ يَطِيبُ تَرَنمٌ

إلاَّ إذَا كَانَ المُرَجِّعُ سَامِي

تَتَدَفَّقُ الأوْتَارُ تَحْتَ بَنَانِهِ

كَتَدَفُّقِ الأَنْهَارِ بِالأَنْغَامِ

بَيْنَ انْسِجَامٍ وَاخْتِلاَطٍ مُونِقٍ

وَتَوَافُقٍ وَتَبَايُنٍ بِنِظَامِ

يَجْرِي عَلَى أَسْلاَكِهَا إيقاعُهُ

مُتَحَدِّراً مِنْ مَصْدَرِ الإلْهَامِ

نَبَرَاتُهُ لُغُةٌ تُنَاطُ حُرُوفُهَا

بِالسَّمْعِ يَحْمِلُهَا إلَى الأَفْهَامِ

شَتَّانَ فِي كَشْفِ السَّرَائِرِ بَيْنَها

طَرَباً وَبَيْنَ مَقَاطِرِ الأقْلاَمِ

يَشْجِيكَ مِنْهَا مَا يُعِيدُ رَنينَهَا

مِنْ شَدْوِ قُمْرِيٍّ وَسَجْعِ حَمَامِ

وَتَحِسُّ تَنْسِيمَ الصَّبَا فِي رَوْضَةٍ

وَتَرَى فُطُورَ الْوَرْدِ فِي الأكْمَامِ

يَا مُبْدِعاً فِي فنه وَمُحَلياً

يَقَظَاتِنَا بِرَوَائِعِ الأحْلاَمِ

فِي الشَّرْقِ أَوْ فِي الغَرْبِ لاَ عَجَبٌ إذَا

لُقِّيْتَ مَا تَلْقَى مِنَ الإكْرَامِ

حَقُّ النُّبُوغِ وَإنَّهُ لَشَرِيعَةٌ

تُسْتَنَّ فِي مَتَبَايِنِ الأَقْوامِ

نِعْمَ الثَّوَابِ عَلَى التَّمَامِ وَشَدَّ مَا

يَتَجَشَّمُ المِجْوادُ دُونَ تَمَامِ

مَا العَبْقَرِيَّةُ سَهْلَةٌ لِلْمُجْتَنِي

هِيَ مِنْ ثِمَارِ السُّهْدِ وَالآلاَمِ

فَنٌّ قَصَرْنَا هَمَّنَا فِيهِ عَلَى

عَتَبٍ وَأَعْتَابٍ وَبَثِّ غَرَامِ

وَعَلَى نَجِيبٍ خَافَتٍ لَمْ يَعْدُ مَا

يَشْكُوهُ ذُو دَنَفٍ مِنَ الأسْقَامِ

حَجَبَ السُّرُورَ نُطَالِعُ شَمْسُهُ

أرْوَاحَنَا إلاَّ وَرَاءَ غَمَامِ

وَتَكَادُ بَارِقَةُ المُنَى لاَ تَنْجلي

لِعُيُونِنَا إلاَّ وَهُنَّ هَوَامِي

أَلشَّرْقُ وَهْوَ مَجَالُ أرْبَابِ النُّهَى

وَمَصَالُ أهْلِ الْكَرِّ وَالإِقْدَامِ

رَانَ الكَرَى دَهْراً عَلَى أَجْفَانِهِ

فَالْعَيْشُ مِمَّا رَقَّ شِبْهُ مَنَامِ

أَخْلِقْ بِمُوسِيقَاهُ بَعْدَ سَرَارِهَا

أَلاَّ تُبَارَى فِي عُلُوِّ مَقَامِ

هَلْ بُحَّ صَوَتُ فَخَارِنَا وَكَلامُهُ

فِي كُلِّ قَوْمٍ فَوْقَ كُلِّ كَلاَمِ

أَوْ مَا لَنَا فِي تَالِدٍ أَوْ طَارِفٍ

مَجْدٍ لَهُ رَجْعٌ عَلَى الأَيَّامِ

أَوْ مَا لِهَذَا الغِيلِ زَأْرٌ مُنْذِرٌ

لِلطَّارِقِينَ بِيَقْظَةِ الضِّرْغَامِ

زِيدُوا وَسَائِلَكُمْ لِيَرْقَى فَنُّكُمْ

وَيَعِزَّ بِالغَرَضِ الْبِعِيدِ السَّامِي

أَمَّا اللُّبَابُ فَلاَ مَسَاسَ وَلَيْسَ مَا

نَبْغِي سِوَى التَّنْويعِ وَالإحْكَامِ