أيعقل حزني عن وداعك منطقي

أَيَعْقِلُ حُزْني عَنْ وَدَاعِكَ مَنْطِقِي

وَأَعْلَمُ أَنَّا عَنْ قَرِيبٍ سَنَلْتَقِي

صَدِيقِي لاَ تَبْعَدْ فَمَا أَنَا مُبْتَغٍ

مِنَ الْعَيْشِ إِنْ تَبْعَدْ وَمَا أَنا مُتَّقِ

سَبَقْتَ وَفِي قَلْبِي أَسىً لِتَخَلُّفِي

وَمَنْ يَجْرِ فِي المضْمارِ جِرْيَكَ يَسْبَقِ

فَوَا حَرَبَا مَا لَوْعَةُ الشَّوْقِ فِي غَدٍ

وَبِي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى لَظى مِنْ تَشَوُّقِي

وَيَا شَجْوَ أَطْفَالٍ ضِعَافُ تَرَكْتَهُمْ

وَكُنْتَ عَلَيْهِمْ مُشْفِقاً أَيَّ مُشْفِقِ

أَفِي الْحَقِّ أَنْ تُلْفَى مَدَى الدَّهْرِ هَاجِعاً

تَمُرُّ بِكَ الأَحْدَاثُ غَيْرَ مُؤَرَّقِ

وَلَنْ تَنْظِمَ الآرَاءَ نَظْمَ مُوَفِّقٍ

وَلَنْ تَنْثُرَ الآلاَءَ نَثْرَ مُفَرِّقِ

وَلَنْ تُعْمِلَ الأَقْلاَمَ وَهْيَ أَسِنَّةٌ

فَتَطْعَنَ أَهْلَ الْبَغْي فِي كُلِّ مَفْرِقِ

إِذَا بَانَ سَرْكِيسُ الأَدِيبُ فَمَنْ لَهُ

بَرَاعَةُ مُفْتَنٍّ وَعِلْمُ مُحَقِّقِ

وَمَنْ يُبْتَغَى لِلأُنْسِ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ

وَمَنْ يُرْتَجَى لِلْغَوْثٍ فِي كُلِّ مَأْزِقِ

ذَكَاءٌ لَهُ لَمْعُ الْوَمِيضِ إِذَا وَرَى

فَأَشْرَقَ فِي جَوْنٍ مِنَ السُّحبِ مُطْبِقِ

وَمَعْنىً كَتَفْتِيحِ الأَزَاهِرِ بَهْجَةً

وَلَفْظٌ كَمَاءِ الْجَدْوَلِ المُتَرَقْرِقِ

وَلُطْفُ حَدِيثٍ يُطْرِبُ السَّمعَ آخِذٌ

لِكُلِّ طَرِيفٍ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُونِقِ

وَمُبْتَكَرَاتٌ كُلَّ آنٍ جَدِيدَةٌ

لَهَا مِنْ أَفَانِينِ الحِلَى كُلُّ رَوْنَقِ

إِلى خُلُقٍ مَهْمَا يَقُلْ فِيهِ مَادِحٌ

ثَنَاءً عَلَيْهِ قَالَتِ النَّاسُ أَخْلِقِ

وَعَزْمٌ كَأَنَّ الدَّهْرَ نَاطَ بِبَعْضِهِ

هُمُومَ الْوَرَى مَا بَيْنَ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ

لَقَدْ شَغَلَتْهُ بِالْعُلَى عَنْ حُطَامِهَا

حَيَاةٌ بِهَا إِنْ تُعْنَ بِالرِّزْقِ تُرْزَقِ

فَإِنْ لَمْ يُعْنِ أَهْلُ الحِطَامِ أَدِيبَهُمْ

فَهَلْ ذَنْبُهُ أَنْ كَانَ غَيْرَ مُوَفَّقِ

فَدَيْتُكَ لَوْ فِي الأَرْضِ حَيٌّ مُخَلَّدٌ

بِفَضْلٍ لَكُنْتَ المَرْءَ مَا بَقَيْتَ بَقِي

وَفَيْتَ لَهَا بِالقِسْطِ لَكِنْ تَنُكَّرَتْ

مَنَازِلُهَا فَابْغِ السَّماوَاتِ وَارْتَقِ