إذا السحب طمت وادلهمت فقد يرى

إِذَا السُّحبُ طَمَّت وَادْلَهَمَّت فَقَدْ يُرَى

مَكَانٌ تَقِيهِ فُرْجَةٌ وَتُنِيرُ

فَيَضْحَكُ وَالآفَاقُ تَبْكِي حِيَالَهُ

وَفِي غَيْرِهِ بُؤْسٌ وَفِيهِ حُبُورُ

عَفَا الْخَطْبُ عَنْ مِصْرٍ فَمِنْ لُطْفِ شُغْلِهَا

صَنَاعٌ يُوَفِّي حَمْدَهَا وَخَبِيرُ

وَمِمَّا بِهِ تَقْضِي سَوَابِقُ عَهْدِنَا

بِهَا أََْن يُرَى قَلْبٌ لِمِصْرَ شَكُورُ

فَبَيْنَا غُزَاةِ الْحَرْبِ شَرْقاً وَمَغْرِباً

يَغَارُ عَلَيْهَا تَارَةً وَتُغِيرُ

وَبَيْنَا السُّيُوفُ الْبِيضُ تَسْفِكُ فِي الثَّرَى

دِمَاءً فَيَذْوِي نَبْتُهُ وَيَبُور

وَبَيْنَا الرِّمَاحُ السُّمْرُ تَقْضِي قَضَاءَهَا

فَيَمْضِي قَوِيماً وَالصِّعادُ تَجُورُ

وَبَيْنَا مُبِيداتُ المَعَاقِلِ وَالْقُرَى

تُهَاجُ بِزَنْدٍ نَابِضٍ فَتَثُورُ

وَبَيْنَا عُيُونُ الْبَحْرِ تَرْمِي بِلَحْظِهَا

جِبَالاً رَسَتْ فِي مَتْنِهِ فَتَغُورُ

وَبَيْنَا مَطايَا الجَوِّ فِي خَطَراتِها

تُرامي العِدَى بالشَّهبِ حَيْثُ تَطيرُ

وَبَيْنَا الْحُدُودُ الثَّابِتَاتُ لأَحْقُبٍ

يُسَيِّرُهَا شُوسُ الْوَغَى فَتَسِيرُ

كَفَى آمِناً فِي مِصْرَ أَنَّ ظُنُونَهُ

تَرَى دُونَهُ الأَقْدَارَ كَيْفَ تَدُورُ

وَأَنَّ رُمُوزاً فِي الرِّقَاعِ يَخطُّها

تُقِرُّ مَكَانَ الفَتْحِ حَيْثُ يُشيرُ

أَلَيْسَ يَسَارُ الْحَالِ قَيَّض مَجْمَعاً

كَهَذَا بِرَغْمِ الدَّهْرِ وَهُوَ عَسِيرُ

أَفَاضَ عَلَيْهِ طالِعُ السَّعدِ نُورَهُ

وَضَمَّ بِهِ رَهْطَ الكِرَامِ سُرُورُ

أُقِيمَ لِيُجْزَى فِيهِ بِالخَيْرِ عَامِلٌ

نَشِيطٌ كَمَا يَهْوَى النُّبوغَ قَدِيرُ

نَجِيبٌ جَدِيرٌ بِالنَّجاحِ لِعَزْمِهِ

وَكُلُّ هُمَامٍ بِالنَّجاحِ جَدِيرُ

لَئِنْ خُصَّ حَظٌّ مِنْ جَنَاهُ بِرِزْقِهِ

فَلِلْعِلم حَظٌّ مِنْ جَنَاهُ كَبِيرُ

وَإِنْ يَجْهَلِ الأَحَادُ مَا قَدْرُ جُهْدِهِ

وَمَا فَضْلُهُ فَالْعَارِفُونَ كَثِيرُ

بِقُدْوَتِهِ لِلْمُقْتَدِينَ هِدَايَةٌ

إِذَا الْتَمَسُوا وَجْهَ الصَّوَابِ وَنُورُ