إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده

إذَا المَرْءُ لَمْ يُنْصِفْ بِقَدْرِ جِهَادِهِ

فَإِنَّ لَهُ فَضْلاً بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ

تَوَخَّ عَظِيمَاتِ المُنَى وَانْحُ نَحْوَهَا

بِرَأْيٍ يُضِيءُ الدَّهْرَ وَرْيُ زِنَادِهِ

وَثَابِرْ تُصِبْ فَوْزاً فَمَا الفَوْزُ لِلْفَتَى

بِإِسْرَافِهِ فِي الجُهْدِ بَلْ بِاقْتِصَادِهِ

بِنَا حَاجَةُ النَّسْرِ المَهِيضِ جَنَاحُهُ

إِلَى جَوِّهِ العَالِي وَرَحْبِ مَرَادِهِ

أَيَرْقَى إِلَى أَوْجِ الكَمَالِ مُصَعِّدٌ

وَيَعْدُونه دُونَ الأَوْجِ نُقْصَانُ زَادِهِ

يُقَالُ الرِّضَى بَعْضُ الغِنَى قُلْتُ كُلُّهُ

وَلَكِنْ لِجِسْمِ المَرْءِ لا لِفُؤَادِهِ

نَفَيْنَا مِنَ الأَنْغَامِ مَا لَيْسَ مُفْضِياً

إِلَى ذُلِّ مَنْ يَهْوَى وَمَنْحِ قِيَادِهِ

جَعَلْنَا جَمِيعَ اللَّحْنِ شَجْواً وَأَنَّهُ

لِدَلِّ حَبِيبٍ مُعْرِضٍ أَوْ عِنَادِهِ

وَلا عِيدَ إِلاَّ لِلأَسَى فِي قُلُوبِنَا

أَمَا مَلَّهُ قَلْبٌ لِفَرْطِ اعْتِيَادِهِ

سُكَارَى يَكَادُ الصَّوْتُ يُوقِرُ هَامَنَا

إذَا مَا عَلا رُتْبَةٍ فِي انْطِيادِهِ

ألا طَرَبٌ يَا قُوْمُ فِي جَأْرِ مُغْضَبٍ

لأُمَّتِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ وِدَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالجَيْشُ يَحْدُوهُ مِعْزَفٌ

شَدِيدُ الوَغَى يُورِي اللَّظَى فِي جَمَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالبَحْرُ فِي ثَوَرَانِهِ

يُصَوِّرُ إِيقَاعٌ جَلالَ امْتِدَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالنَّهْرُ تَهْوِي سُيُولُهُ

إِلَى قَاعِهِ مُصْطَكَّةً بِصِلادِهِ

ألا طَرَبٌ فِي مَا يُرَدِّدُ حَانِقٌ

مِنَ الأُسْدِ فِي أَطْوَادِهِ أَوْ مِهَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالقَفْرُ كَالقَبْرُ سَاكِنٌ

لِنَاءٍ شَجَتْهُ حَمْحَمَاتُ جَوَادِهِ

أَلا يَوْمَ مَشْهُودٌ أَلا فَوْزَ حَافِلٌ

أَلا رَهْطَ يَعْلُو صَوْتُهُ بِاتِّحَادِهِ

أَمَا لِلفَتَى قُوْلٌ كَبِيرٌ لِنِدِّهِ

وَلا صَيْحَةٌ فِي فَخْرِهِ وَاعْتِدَادِهِ

أَلا رَعْدَ هَدَّادٌ أَلا بَرْقَ خَاطِفٌ

أَلا عَارِضٌ تَجْرِي الرُّبَى فِي اشْتِدَادِهِ

أَلا نَغَمٌ إِلاَّ إذَا حَيَّتْ الصَّبَا

غَرِيبَ حِمىً طَالَتْ لَيَالِي بِعَادِهِ

نَصُوغُ أَقَلَّ اللَّحْنِ دُونَ أَجَلِّهِ

وَنَهْوَى انْتِقَاضَ الفَنِّ دُونَ ازْدِيَادِهِ

وَلا وَصْفَ إِلاَّ أَنْ يُمَثِّلَ حَالَةً

مِنَ النَّفْسِ لَمْ تَبْلُغْ بَدِيهَةَ بَادِهِ

لَهَا لَمَعَانُ النَّصْلِ بَيْنَ اسْتِلالِهِ

إِلَى وَشْكِ أَنْ يَعْرَى وَبَيْنَ اغْتِمَادِهِ

نُحِبُّ مِنَ الإِنْشَادِ كُلَّ مُكَرَّرٍ

بِلَحْنٍ جُمُودُ الفِكْرِ مِنْ مُسْتَفَادِهِ

وَتَنْبُو بِنَا الآذَانُ عَنْ مُسْتَجَدِّهِ

فَكُلُّ عَتِيقٍ فَهْوَ مِنْ مُسْتَجَادِهِ

وَمَهْمَا يُعَدْ فِي صَيْغَةٍ بَعْدَ صِيغَةٍ

مُقَارِبَةٍ لَمْ نَشْكُ مِنْ مُسْتَعَادِهِ

بِنَا حَاجَةُ النَّسْرِ المَهِيضِ جَنَاحُهُ

إِلَى جَوِّهِ العَالِي وَرَحْبِ مَرَادِهِ

أَيَرْقَى إِلَى أَوْجِ الكَمَالِ مُصَعِّدٌ

وَيعْدُوهُ دُونَ الأَوْجِ نُقْصَانُ زَادِهِ

بَنِي وَطَنِي إِنْ نَلْتَمِسْ لِرُقِيِّنَا

عَتَاداً فَهَذَا الفَنُّ بَعْضُ عَتَادِهِ

إِذَا نَحْنُ أَحْكَمْنَاهُ أَعْلَى هُمُومَنَا

وَأَنْجَى سَوَاداً هَالِكاً وَالمُنَى وَالمَشَادِهِ

مَتَى يَغْدُ مِنَّا الجَيْشُ يَسْتَقْبِلُ الرَّدَى

وَيَسْمَعُ مَسْرُوراً نَشِيدَ بِلادِهِ