إني منيت بأمة مخمورة

إِني مُنِيتُ بأُمَّة مَخْمُورَةٍ

مِنْ ذُلِّهَا وَلَهَا الْقَنَاعَةُ مَشْرَبُ

لاَ ظُلْمَ يَغْضِبُهُمْ وَلَوْ أَوْدَى بِهِمْ

أَتَعِزُّ شَأْناً أُمَّة لاَ تَغْضَبُ

إِنْ يَبْكِ ثَاكِلُ وُلْدِهِ وَزَجَرْتَهُ

عَنْ نَحْبِهِ أَلْفَيْتَهُ لاَ يَنْحَبُ

وَإذَا نَهَيْتَ عَنِ الْوُرُودِ عِطَاشَهُمْ

وَتَحَرَّقَتْ أَكْبَادُهُمْ لَمْ يَشْرَبُوا

وَإِذَا أَذَبْتَ الشَّحمَ مِنْ أَجْسَامِهِمْ

تَعَباً فَإِنَّ نُفُوسَهُمْ لاَ تَتْعَبُ

أَعْيَانِيَ التَّفكِيرُ في أَدْوَائِهِمْ

مِمَّا عَصِينَ وَحِرْتُ كَيْفَ أَطَبِبُ

إنَّ الْجَمَادَ أَبَرُّ مِنْ أَرْوَاحِهِمْ

بهِمُ وَأَمْتَنُ في الدِّفَاعِ وَأَصْلَبُ

فَلأَبْنِيَنَّ لَهْمْ جِدَاراً ثَابِتاً

كَالأَرْضِ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَخَرَّبُ

تَقَعُ الدُّهُورُ وَكُلُّ جَيْشٍ ظَافِرٍ

مِنْ دُونِهِ وَثَبَاتُهُ مُتَغَلِّبُ

وَتَهُزُّ مَنْكِبَهُ الصَّوَاعِقُ حَيْثُمَا

شَاءَتْ وَلاَ يَهْتَزُّ مِنْهُ المَنْكِبُ

وَيَعَضُّه نَابُ الصَّوَاعِقِ مُحْرِقاً

فَيَرُدُّهُ كِسَراً وَلاَ يَتَثَقَّبُ

وَيَمِيدُ ظَهْرُ الأَرْضِ تَحْتَ رِكَابِهِ

وَرِكَابُهُ فِي المَتْنِ لاَ تَتَنَكَّبُ

وَلأَجْعَلَنَّ بِهِ البِلاَدَ مَنِيعَةً

يَرْتَدُّ عَنْهَا الطَّامِعُ المُتَوَثِّبُ

وَلأَدُعُوَنَّ مَمَالِكِي وَشُعُوبَهَا

بِاسْمِي فَيُجْمَعُ شَمْلُهَا المُتَشَعَّبُ

وَلأَمْحُوَنَّ رُسُومَ أَسْلاَفِي بِهَا

فَيَبِيتُ مَاضِي الصِّينِ وَهْوَ مُحَجَّبُ

وَيُظَنُّ عَهَدِي بَدْءَ عَهْدِ وُجَودِهَا

فَيَتِمُّ لِي الفَخْرُ الَّذِي أَتَطَلَّبُ