بلغت أعلى منصب توثيقا

بُلَّغْتَ أعْلَى مَنْصبٍ تَوْثِيقَاً

فَسَمَوْتَ لاَ عَفْواً وَلاَ تَوْفِيقَا

شَرَفاً عَمِيدَ الطِّب لَمْ تَلِ مَنْصِباً

إِلاَّ بِأَسْنَى مِنْهُ كُنْتَ حَقِيقَا

آيَاتُ عِلْمكَ وَابْتِكَارِكَ سُدِّدَتْ

نَظَرِيَّة وَتَمَحِّصتْ تَطْبِيقَا

عَرَفَ النَّوَابِغُ بِالشَّوَاهِدِ فَضْلَهَا

فَأَتَتْ شَهَادَتُهُمْ لَهَا تَصْدِيقَا

لاَ بِدْعَ وَالْوَطَنَانِ مُخْتَلِفَانِ أَنْ

رَعَيَا النَّبوغَ وَأَنْ دَعَوْكَ رَفِيقَا

فَإِذَا مَقَامُ الْعِلْمِ أَرْفَعُ رَايَةً

وَإِذَا فَرِيقُهُمْ أَعَزُّ فَرِيقَا

جَدَّدْتَ مَأْثُرَةً لِمِصْرَ عَتِيقَةً

فَجَلَوْتَ وَجْهاً لِلْفَخارِ عَتِيقَا

وَوَصَلْتَ فِي الطِّب الفُرُوعَ بِأَصْلِهَا

فزَهَا الْفُوُرعُ بِأَصْلِهِنَّ عَرِيقا

أَلطِّب مِنْ إِبْدَاءِ مِصْرَ فَيَا لَهُ

فَتْحاً أَفَاضَ عَلَى الْغُرُوبِ شُرُوقَا

لاَ بِدْعَ وَالْحُفَدَاءُ سِرُّ جُدُودِهِمْ

أَنْ تَسْتَعِيدَ مَقَامَهَا وَتَفُوقَا

قَدْ أَلَّهَتْ آمِنْحَتِيبَ وَإِنَّما

هِيَ مَجَّدَتْ فِي الْخَالِقِ المَخْلُوقَا

عِلْمٌ إِذَا اسْتَقْرَيْتَ مِنْهُ جَلِيلَهُ

أَمْعَنْتَ فِيهِ فَمَا تَرَكْتَ دَقِيقَا

وَقَتَلْتَهُ خُبْراً لإِحْيَاءٍ بِهِ

وَسَبَرْتَ أَبْعَدَ غَوْرِهِ تَحْقِيقَا

فَبَدَتْ لَكَ الآرَاءُ فِيهِ جَدِيدَةً

مِنْ كُلِّ بَابٍ لَمْ يَكُنْ مَطْرُوقَا

وَتُنُوقِلَتْ فِيهِ مَبَاحِثُكَ الَّتِي

قَدْ قَرَّبَتْ مَا كَانَ مِنْهُ سَحِيقَا

كَمْ مُدْنَفٍ أَبْرَأْتَهُ مِنْ سُقْمِهِ

فَكَفَيْتَهُ التَّعذِيبَ وَالتَّأرِيقَا

وَشَفَيْتَ قَبْلَ الجِسْمِ عِلَّةَ رُوحِهِ

بِاللَّفْظِ عَذْباً وَالعِلاَجِ رَفِيقَا

تَصِفُ الدَّوَاءَ لَهُ عَلَى قَدَرٍ فَلاَ

تَخْلِيطَ فِي صِفَةٍ وَلاَ تَلْفِيقا

أَوْ تُدْرِكُ الدَّاءَ الدَّوِيَّ بِنَصْلَةٍ

تَنْضُو الْحِجَابَ وَلاَ تَضِلُّ طَرِيقَا

تَنْدَى وَتَسْطَعُ فِي يَدَيْكَ مَهَارَةً

كَالمَاءِ لِيناً وَالرَّجَاءِ بَريقَا

وَتُطِيعُ فِكْراً صَارِماً كَشَبَاتهَا

وَتُطِيعُ قَلْباً كَالنَّسيمِ رَقِيقَا

عَزْمٌ بِهِ تَنْهَى الصُّرَوفُ فَتَنْتَهِي

وَلَرُبَّما عُقْتَ الحِمَامَ فَعِيقَا

دَعْ فَضْلَ ذَاكَ الْعَبْقَرِيَّ وَعِلْمَهُ

وَذَكَاءَهُ وَلِسَانَهُ المِنْطِيقَا

وَاذْكُرْ لَهُ فَوْقَ الحَصَافَةِ وَالحِجَى

خُلُقاً بِأَسْنَى التَّكرِمَاتِ خَلِيقَا

خَبَرَ الزَّمَانَ بَنُوا الزَّمَانِ فَعَزَّ أَنْ

يَرَوُا الصَّدِيقَ كَمَا رَأَوْهُ صَدِيقَا

وَلَوِ الْوَفَاءُ بَدَا مِثَالاً لَمْ يَكُنْ

أَحَدٌ سِوَاهُ مِثَالَهُ المَصْدُوقَا

وَدٌّ صَفَا مِنْ كُلِّ شَائِبَةٍ فَلاَ

تَكْدِيرَ فِي حَالٍ وَلاَ تَرْنِيقَا

أَدَبٌ تُقَيِّدُهُ سَجِيَّتهُ بِهِ

وَيُرِيكَهُ البِشْرُ الطَّليقُ طَلِيقَا

ذَوقٌ سَلِيمٌ فِي الطَّرَائِفِ وَالْحِلَى

يَهْوَى الْفُنُونَ وَيُنْكِرُ التَّزْوِيقَا

يَخْتَصُّ مِنْهَا بِالْعُيُونِ فَمَا تَرَى

إِلاَّ جَمِيلاً حَوْلَهُ وَأَنِيقَا

يَا فَخْرَ أُمَّتهِ وَبَاعِثَ مَجْدِهَا

جَلَّتْ مَسَاعِيكَ الْجِسَامُ حُقُوقَا

أَيَفِي بِمَا افْتَرَضَتْ عَلَى أُدَبَائِهَا

أَنْ يُحْسِنُوا المَكْتُوبَ وَالمَنْطُوقَا

هَيْهَاتَ تُخْفِي بِالتَّوَاضُعِ جُهْدَ

مَا بَالَغْتَ فِيهِ مَكَانَكَ المَرْمُوقَا

يَتَقَاصَرُ الأَنْدَادُ عَنْكَ وَمَا بِهِم

مِنْ سَابِقٍ إِلاَّ غَدَا مَسْبُوقَا

أَرْضَاهُمُ فِي الْحَقّ أَنَّك لَمْ تَكُنْ

أَدْنَاهُمُ جُهْداً وأَعْلَى فُوقَا

عَدْلٌ حُلُولُكَ فِي القُلُوبِ جَمِيعِهَا

ذَاكَ المَحَلَّ مُبَجَّلاً مَوْمُوقَا