تدانى فحيى عابرا وتناءى

تدَانَى فَحَيَّى عَابِراً وَتَنَاءَى

شَبِيهاً بِطَيْفٍ في الغَدَاةِ تَرَاءَى

برغْمِ أُولى الأَلبَابِ عَجَّل بَيْنَهُ

وَكَانَ لَهُمْ ذُخْراً وَكَانَ رَجَاءَ

أَتَاحَ زَمَانِي مَرَّةً أَنْ رَأَيْتُهُ

وَلَمْ يُولِنِي بَعْدَ اللِّقَاءِ لِقَاءَ

فَمَا رَاعَني إِلاَّ فَتىً في إِهَابِهِ

شَهِدْتُ مَعاً شَيْخُوخَةً وَفَتَاءَ

أُطِيلَتْ بِعُثْنُونِ أَسَالَةُ وَجْهِهِ

وَفِي مَحْجَرَيْهِ كَوْكَبَانِ أَضَاءَا

تَضَاءَلَ مَرْمَى ظِلِّهِ مِنْ نُحُولِهِ

وَطَبَّق آفَاقاً سَنَىً وَسَنَاءَ

وَفي صَدْرِهِ بَحْرٌ مِنَ العِلمِ لَمْ يَضِقْ

بِهِ ذَلِكَ الصَّدْرُ الصَّغيرُ إِنَاءَ

يُحَدِّثُ في رِفْقٍ وَلَيْسَتْ أَنَاتُهُ

تُثَبِّط عَزْماً أَوْ تَعُوقُ مَضَاءَ

عَكُوفٌ عَلَى التَّحصِيلِ مِنْ كُلِّ مَطْلَبٍ

يُلِمُّ بِهِ مَهْما يَسُمْهُ عَنَاءَ

جَنَى الرَّوْضِ مَا تَجْرِي يَرَاعَتَهُ بِهِ

فَيَحْلُو شَرَاباً أَوْ يَطِيبُ غِذَاءَ

وَمَا ثَقَّف الأَلْبَابَ مِثْلُ بَيَانِهِ

وَما شَرَّفَ الآدَابَ وَالأُدَبَاءَ

يَغُوصُ عَلَى الدُّرِّ البَعِيدِ مَكَانُهُ

فَيَجْلُوهُ لِلمُسْتَبْصِرِينَ جَلاَءَ

وَيَبْحَثُ عَمْا يُفْقِدُ الجَهْلُ أَهْلَهُ

فَيُهْدِي إِلَيْهِمْ زِينَةً وَثَرَاءَ

وَيَحْرِصُ أَلاَّ يُغْمَطَ الفَضْلُ حَقَّهُ

وَيُعْدَمَ بَيْنَ العَالَمِينَ جَزَاءَ

فَإِنْ يُذْكَرِ الفَضْلُ الَّذِي فِيهِ يَعْتَذِرُ

كَأّنَّ بِهِ مِنْ أَنْ يُذَاعَ حَيَاءَ

أََأَنْسَى لإِسْمَاعِيلَ مَا عِشْتُ مِنَّةً

أَفَدْتُ بِهَا أُحْدُوثَةً وَبَقَاءَ

حَبَانِي بَهَا قَبْلَ التَّعَارُفِ مُضْفِياً

عَلَيَّ بِمَا لاَ أَسْتَحِقُّ ثَنَاءَ

وَقَدْ عَاقَ شُكْرِي عَنْهُ فَرْطُ احْتِشَامِهِ

فَهَلْمُجْزِيءٌ شُكْرٌ يَجِيءُ رِثَاءَ

وهَيْهَاتَ أَنْ يُوفَى بِشِعْرٍ جَمِيلُهُ

وَلَوْ كَانَ دِيوَاناً لَقَلَّ وَفَاءَ

أَلاَ أَيهَا الغَادِي وَلَيْسَ بِآسِفٍ

وَلاَ مُتَقَاضٍ لَوْعَةً وَبُكَاءَ

تَرَفَّعتَ عَنْ أَنْ تَقْبَلَ الضَّيْمَ صَابِراً

عَلَى زَمَنٍ أَحْسَنْت فِيهِ وَسَاءَ

وَجَنَّبكَ العَيْشُ احْتِقَارٌ لِشَأْنِهِ

إِذَا مَا غَدَا فِيهِ العَفَافُ عَفَاءَ

مكَانُكَ في الدُّنْيَا خَلاَ غَيْرَ أَنَّهُ

مليءُ النَّوَاحِي عِزَّةً وَإِبَاءَ

بِبَيْنِكَ مُخْتَاراً صَدَمْتَ عَقِيدَةً

وَأوْقَعْتَ حُكْماً حَيَّرَ الحُكَمَاءَ

وكُنْتَ عَلَى يُسْرِ الأُمُورِ وَعُسْرِهَا

تُنِيرُ بِعَالِي رَأْيِكَ الحُصَفَاءَ

فَغَالَبَكَ الطَّبْعُ العُيُوفُ عَلَى الحِجَى

وَأَصْدَرَ مِنْ قَبْلِ القَضَاءِ قَضَاءَ

أَمِنْ خَطَلٍ طَرْحُ الإِنَاءِ وَمَا بِهِ

مِنَ السُّؤْرِ لَمْ يَطْهُرْ وَقَلَّ عَنَاءَ

وَهَلْ تَرْتَضِي نَفْسَ العَزيزِ إِقَامَةً

عَلَى ذِلَّةٍ وَالدَّاءُ عَزَّ دَوَاءَ

إِذَا هَانَ في حُبِّ الحَيَاةِ هَوَانُهَا

فَلَيْسَ لأَرْضٍ أَنْ تَكُونَ سَمَاءَ

قَرَارَكَ وَلْتُرْعَ الْخَلاَئِقُ سَمْعَهَا

مَصَاقِعَهَا الهَادِينَ وَالسُّفهَاءَ

سَتبْقَى لِنَفْعِ النَّاسِ صُحْفٌ ترَكْتَهَا

وَلن يَذْهَبَ الإِرْثُ النَّفيسُ جُفاءَ

وَتذكُرُكَ الأَوْطَانُ يَوْمَ فخَارِهَا

إِذَا ذكَرَتْ أَفْذَاذَهَا النُّبغاءَ

وَإني لَمَحْزُونٌ عَلَيْكَ وَجَارِعٌ

ثُمَالَةَ كَأْسِي حَسْرَةً وَشَقَاءَ

أَقُولُ عَزَاءَ لآلِ وَالصَّحبِ وَالحِمَى

وَلِي وَلأَمْثَالِي أَقُولُ عَزَاءَ

فَرَابِطَةُ اسْمَيْنَا أَرَاهَا قَرَابَةً

وَأَعْتَدُّهَا فَوْقَ الإِخَاءِ إِخَاءَ