تمنيت لو لمت تعصني قطرة الندى

تَمَنَّيْتُ لَوْ لَمْ تَعْصِنِي قَطْرَةُ النَّدَى

فَأُطْلِعَ مِنْهَا فِي دُجَى الذِّكْرِ فَرْقَدَا

وَلكِنَّ جُهْدِي دُونَ أَدْنَى رَغَائِبِي

فَكُنْ لِخَيَالِي أَيُّهَا الشِّعْرُ مُسْعِدَا

أَعِنِّي عَلَى قَوْلٍ حَكِيمٍ تَصُوغُ لِي

مَعَانِيَهُ دُرّاً وَمَبْنَاهُ عَسْجَدَا

أُغَنِّيهِ تَرْدِيداً بِإِيقَاعِ وَحْيِهِ

فَيُطْرِبُ إِطْرَابَ المثَانِي مُرَدَّدَا

عَلَيْكَ سَلاَمَ اللهِ يَا زَمَناً بَنَى

نَوَابِغُهُ لِلضَّادِ مَجْداً مُخَلَّدَا

أَيَرْجِعُ صَوْتٌ بَعْدَ أَلْفٍ وَنَيِّفٍ

إِلَيْكَ وَلاَ تَنْبُو بِهِ حُجُبُ الرَّدَى

تَقْرَأَ مُهْتَزّاً تحِيةَ عَصْرِنا

وَتَسْمَعَ مُعْتَزّاً صَدَاكَ المُرَددَا

لَئِنْ بِتَّ فِي الْغَيْبِ القَصِيِّ مُحَجَّباً

لَقَدْ عدْتَ فِي هَذَا الزمَانِ مُجَدَّدَا

كَأَنَّكَ وَالأَحْقَابُ أَمْوَاجُ زَاخِرٍ

تَبَسَّطْنَ فِيمَا امْتَدَّ بَعْدَكَ مِنْ مَدَى

وَقفتَ عَلَيْهَا مُوفِياً مِن يَفَاعِهَا

وَأَلْقَيْتَ طَيْفاً فِي نِهَايَتْهَا بَدَا

تَغَيَّرَتِ الأَسْمَاءُ وَالْعَصْرُ لِمْ يَزَلْ

كَمَا كُنْتَ فِي الأَعْصَارِ فَرْداً مُوِحَّدَا

فَكِدْنَا نَخَالُ الدْهْرَ قَابَلَ حَالَةً

وَدَابَرَهَا ثُمَّ اسْتَوَى مُتَرَدِّدَا

أَلَسْتَ إِذَا آنَسْتَ مِنْ عَهْدِنَا سَنىً

لِحِكْمِةِ شَوقِي قُلْتَ حِكْمةُ أَحْمَدَا

أَلَسْتَ إِذَا شَاقَتْكَ أَبْيَاتُ حَافِظٍ

حَسِبْتَ أَبَا تَمَّامِك اليَوْمَ مُنْشِدَا

أَلَسْتَ إِذَا غَنَّاكَ صَبْرِي مُسَائِلاً

أَلِلْبُحْتُرِيِّ الصَّوْتُ رَجَّعَهُ الصَّدَى

أَلَسْتَ إِذَا نَاجَتْكَ رُوحُ ضَرِيرِنَا

ذَكَرْتَ ضَرِيراً بِالمَعَرَّةِ وَسِّدَا

لَقَدْ بَعَثَ اللهُ الْقَرِيضَ وَأَنْشَرَتْ

لَهُ دَوْلَةُ العَبَّاسِ مُلْكاً مُؤَيَّدَا

وَمِنْ آيِهَا تَكْرِيمُنَا اليَوْمَ حَافِظاً

وَتَمْجِيدُنَا مِنْهُ سَرِيّاً مُمَجَّدَا

فَتَى الأَدَبِ الْجِدِّ الَّذِي لاَ يَشُوبُهُ

مِزَاحٌ وَلاَ يُلْفَى ابْتِسَامٌ بِهِ سُدَى

مُقَوِّمُ تَأْوِيدِ الْخَلاَئِقِ حَيْثُمَا

تَبَيَّنَ بَيْنَ النَّاسِ خُلْقاً مُأَوَّدَا

مُجَودُ صَوْغِ الْقَوْلِ لاَ يَنْثرُ الحِلَى

وَلاَ يَنْظِمُ الْعِقْيَانَ إِلاَّ مُجَوَّدَا

مُفَصِّلُ آيَاتِ الْبَلاَغَةِ إِنْ نَهَى

نَهَى عَنْ ضَلاَلٍ أَوْ دَعَا فإِلى هدَى

نجِيُّ المَعَالِي تَعْرِفُ الزُّهْرُ فِي الدجَى

لَهُ حَيْثُمَا سَارَتْ خَيَالا مُسَهَّدَا

أَمِيرُ مَعَانِيهِ وَلِلهِ دَرهُ

إِذَا مَا سَجَا أَوْ جَاشَ أَوْ نَاحَ أَوْ شَدَا

أَيَعْرُوهُ حُزْنٌ فَاقْرَإِ الْوَصْفَ تُلْفِهِ

سَحَاباً رَمَى ظَلاًّ عَلَى الْكَوْنِ أَرْبدَا

أَيَرْضَى لِنُعْمَى نَالَهَا قَمِنٌ بِهَا

فَلاَ قَوْلَ فِي الأَذْهَانِ أَعْذَبُ مَوْرِدَا

أَيَطْعُنُ فِي شَيْنٍ فَإنَّكَ وَاجِدٌ

دَماً وَصَرِيعاً وَالسِّنَانَ المُسَدَّدَا

أَيَرسُمُ مَوْصُوفاًفَتِلْكَ صِفَاتُهُ

حَقَائِقَ حَلاَّهَا الْخَيَالُ وَخَلَّدَا

صَدِيقيَ فَاهْنَأْ وَابْلُغِ الأَوْجَ رُتْيَةً

فَإِنْ تَرْقَهُ لاَ تَنْسَنا وَارْق سَرْمَدَا

لَعَبَّاسٌ خَيْرٌ لِلْمَعَالِي مُقَلِّداً

فَكُنْ بِالنُّهَى خَيْراً لَهَا مُتَقَلِّدَا