تولتك العناية في الذهاب

تُولَّتكِ العِنَايَةُ فِي الذَّهَابِ

وَحَاطَتْكِ الرِّعَايَةُ فِي الإِيَابِ

تُحَجِّبكِ الجَلاَلَةُ فِي سُفُورٍ

وَتَجْلُوكِ النَّبالَةُ فِي الحِجَابِ

وَمَا أَزْهَى النِّقَابَ حِلىً إِذَا مَا

تُنُخِّلتِ الأَشِعَّة فِي النِّقابِ

لأَنتِ الشَّمسُ إِحسَاناً وَحُسْناً

تُرِينَا آيَةَ العَجَبِ العُجَابِ

فَمِنْ لأْلاَئِهَا الأَنوارُ تُهدَى

وَمِنْ آلائِهَا دَرُّ السَّحابِ

بديعٌ أَنْ تَكُونِيَها وتُكْسَى

بما نَسجَتْ وزَانَتْ من ثِيَابِ

قَدْمَتِ وَكُلُّ ذِي شَأْنٍ كَبِيرٍ

من الإكبارِ يَمْشِي في الرِّكَابِ

وَحَوْلَكِ أُمةٌ قَرَّتْ عُيوناً

بِوَجُهِكِ يُجْتَلَى بعدَ ارْتِقَابِ

تُقَبِّل بِالضَّميرِ يَداً أَفَاضَتْ

عَلَيْهَا مِنْ مَوَارِدِهَا العِذَابِ

وَأَولَتْهَا عَوَارِفَ سَابِغَاتٍ

عَدَوْنَ مَدَى رَغَائِبِهَا الرِّغَابِ

أَصَبْتِ مِنَ المَنَاقِبِ كُلَّ حَظٍّ

وَلَمْ تَنْأَيْ عَنِ الَّرأْيِ الصَّوَابِ

فَمَا أُوتِيتِ مِنْ نَعْمَاءَ إِلاَّ

تَقَاسَمَهَا عُفَاتُكِ كالنِّهابِ

كَذاكَ مَكَارِمُ الأَخْلاَقِ تَعْلُو

إِمَارَتُهَا وجَدُّ الحِرْصِ كَابِي

إِذا انْتَهَتِ الزَّكَاةُ إلى نِصَابٍ

فقد جاوَزْتِ أَضعَافَ النِّصابِ

بِحيثُ لوِ الذُنُوبُ عَلَى اللَّيَالي

حُسِبْنَ رَبَا نَوالُكِ فِي الْحِسَابِ

مَنَاقِبٌ كَمْ أَحَلَّتْ مُسْتَضَاماً

بِهِ الأَيَّامُ ضَاقَتْ فِي رِحَابِ

وَآوَتْ لاَجِئاً وَشَفَتْ عَلِيلاً

وَأَنْجَتْ مُسْتَغيثاً مِنْ عَذَابِ

وَشَادَتْ للنَّدَى مِنْ كُلِّ ضَرْبٍ

مَعَاهِدَ تُنْتَحَى من كُلِّ بَابِ

وَرَبَّت للْحِمَى نَشْئاً كِرَاماً

بِبِرٍّ ما نَمَوْا في العَدِّ رَابِي

إِذَا بَعُدَ المُؤَمَّل أَدْرَكُوهُ

قَرِيبَ الشَّأوِ مَيْسُورَ الطِّلاَبِ

مَفَاخِرُ فِي كِتَابِ الدَّهْرِ خُطَّتْ

بِكَفِّ لَمْ تُفَاخِرُ بِالخِضَابِ

سَيَتْلُوها فَيَطْرَبُ ذَاكِرُوَها

كَمَا يَتْلونَ آيَاتِ الكِتَابِ

رَعَاكِ اللهُ يَا فَخْرَ الغَوانِي

بِطَارِفِهَا وَتالِدِهَا اللُّبَابِ

عَلَى نَفْسِي قَطَعْتُ لُكُمْ عُهُوداً

مَنُوطَاتٍ بِأَخْلاَقِ صِلاَبِ

سَأَحْفَظُ حَقَّها المَرْعِيَّ حِفْظاً

يَطُولُ مَدَاهُ مَا طَالَ المَدَى بِي

يَنَالُ الشَّيبُ مِنْ عَزْمِي وَتَبْقَى

كَأَنِّي أَسْتَعِيدُ بِهَا شَبَابِي

أُجيٍبُ دَعَاءَهَا حَوْلاً فَحَوْلاً

وَأُذْنُ الدَّهْرِ سَامِعَةٌ جَوَابِي

قَوَافٍ يُسْلِسُ الإِخْلاَصُ مِنْهَا

وَيُلْفِيَها النِّفاقُ مِنَ الصِّعابِ

تُرَاعِي الصِّدْقَ فِيمَا تَدَّعِيهِ

وَتَأْنَفُ خُطَّة المَدْحِ الكِذَابِ

وَعِنْدَ اللهِ أَنِّي لاَ أٌرَجِّي

لَدَى غَيْرِي عَلَيْهَا مِنْ ثَوَابِ

ومَا أَنَا في المَقَالَةِ بالمُدَاجِي

وَلاَ أَنَا فِي الشَّهَادَةِ بالمُحَابِي

لِتَهْنِئْكِ السَّلاَمَة كُلَّ حِينٍ

وَدُمْتِ الدَّهْرَ عَالِيَةَ الجَنَابِ

إلىَ ذَاكَ المَقَامِ الْحَمدْ يُهْدَى

وَعَنْ ذَاكَ المَقَامِ الذَّمُّ نَابِي