حي الكنانة غدوة استقلالها

حَيِّ الكِنَانَةَ غُدْوَةَ اسْتِقْلالِهَا

وَاحْمَدْ بَلاءَ الصِّيْدِ مِنْ أَبْطَالِهَا

تِلْكَ المُعَاهَدَةُ البَعِيدُ مَنَالُهَا

أَدْنَتْ مَسَاعِيهِمْ بَعِيدَ مَنَالِهَا

خُطَّتْ بِمَا قَطَرَتْ قُلُوبُ شَبَابِهَا

وَبِمِثْلِهِ قَطَرَتْ عُقولُ رِجَالِهَا

قلْ لِلَّذِينَ تَعَمَّدُوا إِبْطالَهَا

لا تسْرِفُوا مَا الغُنْمُ فِي إِبطالِهَا

يبغُونَ إِعْجَالَ المَطَالِبِ كُلِّهَا

وَيَعِزُّ مَا يَبْغُونَ مِنْ إِعْجَالِهَا

فُزْ بِالَّتِي وَاتَتْكَ مِنْ أُمْنِيَّةٍ

وَاعْتَدَّ مَا تَعْتَدُّ لاسْتِكْمَالِهَا

وَإذَا بَرَرْتَ بِأُمَّةٍ مَغْلُولَةٍ

فَالحَزْمُ أَنْ تُفْتَكَّ مِنْ أَغْلالِهَا

أَمَوَاقِفُ الحُلَفَاءِ مِنْ إِعْزَازِهَا

كَمَوَاقِفِ الأَعْدَاءِ مِنْ إِذْلالِهَا

هِيَ فُرْصَةٌ سَنَحَتْ وَلَمْ يَكُ نَافِعاً

نَدَمٌ يَفُتُّ القَلْبَ بَعْد زَوالِهَا

سَنَحَتْ وِبِالأَيَّامِ عَنْهَا غَفْلَةٌ

هَلْ كَانَ حُسْنُ الرَّأْيِ فِي إِغْفَالِهَا

إِنَّ السِّيَاسَةَ وَعْرَةٌ وَمِرَاسُهَا

صَعْبُ وَوادِي التِّيهِ فِي أَذْيَالِهَا

لا تُؤْمنُ الزَّلاَّتُ وَالحَكَمُ الهَوى

فِي الفَرْقِ بَيْنَ صوابِهَا وَضَلالِهَا

لَكِنْ هدى فِيهَا الكِنَانَةَ نُخْبَةٌ

زَكَّتْهُمُ جَوْلاتُهُمْ بِمَجَالِهَا

ما الجَبْهَةُ الزَّهْرَاءُ إِلاَّ صَفْوَةٌ

جَمَعتْ عَزَائِمَهَا لِيَوْمِ نِضَالِهَا

مِنْ كُلِّ أَرْوَهع بَاسِلٍ وَمُحَنَّكٍ

دَرِبٍ وَمُبْرِمِ عُقْدَةٍ حَلاَّلِهَا

وَمُثَقَّفٍ ثَبْتٍ وَنَدْبٍ حُوَّلٍ

يَتَتَبَّعُ الشُّبُهَاتِ فِي تَجْوَالِهَا

وَمُسَلَّحٍ بِالرَّأْيِ لَيْسَ يَفُوتُهُ

فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ جَوابُ سُؤَالِهَا

وَمُراقِبٍ فِي نَفْسِهِ وَبِلادِهِ

ذِمَمَ العُلَى مُسْتمْسِكٌ بِحِبَالِهَا

وَمُعَوَّدٍ فِي خُوْضِ كُلِّ كَرِيهَةٍ

أَلاَّ يُبالِيهَا عَلَى أَهْوَالِهَا

رَمَتِ الكِنَانَةُ إِذْ رَمَتْ أَهْدَافَهَا

بِهِمُ فَكَانُوا صائِبَاتِ نِبَالِهَا

وَلَوْ أَنَّهَا جَنَحَتْ إِلَى خِذْلانِهِمْ

لَغَدَا عُدُولُ الخَلْقِ مِنْ عُذَّالِهَا

فَتْحٌ سَتَتْلُوهُ الفُتُوحُ وَهِمَّةٌ

حَمَلَتْ بَوَادِرُهَا ضَمَانَ مالِهَا

وَلَجَتْ بِهِ بَابَ الحَيَاةِ وَهَيَّأَتْ

لِلْمَجْدِ مَا يَرْجُوهُ يَوْمَ صِيَالِهَا

بِالخَالِدَاتِ الذِّكْرِ مِنْ أَسْمَائِهَا

وَالخَالِدَاتِ الإِثْرِ مِنْ أَفْعَالِهَا

هِيَ أُمَّةٌ شُغِفَتْ بِحُرِّيَاتِهَا

فَاظْنُنْ بِطِيبِ البَثِّ يَوْمَ وِصَالِهَا

بِالأَمْسِ أَبْدَتْ لِلزَّعِيمِ شُعُورَهَا

فِي زِينَةٍ خَلاَّبَةٍ بِجَمَالِهَا

لَوْ شَبَّهَتْ أَعْيَادَهَا الأُخْرَى بِهَا

مَا كَانَتِ الأَعْيَادُ مِنْ أَمثَالِهَا

وَاليَوْمَ أَفْصَحَ مَجْلِساً نُوَّابِهَا

عَنْ رَأْيِهَا وَهُمَا لِسَانَا حَالِهَا

فَبَدَتْ مَشِيئتُها وَحَصْحَصَ مَا تَرَى

حَقّاً عَلَيْهَا بَعْدَ حَلِّ عِقَالِهَا

أَتُوَافِقُ الأَيَّامُ فِي إِدْبَارِهَا

وَتخَالِفُ الأَيَّامَ فِي إِقْبَالِهَا

يَا سَعْدُ جَلَّتْ مَأْثُرَاتُكَ عِنْدَهَا

عَنْ أَبْلَغِ الإِطْرَاءِ فِي أَقْوَالِهَا

بِالأَمْسِ تَعْهَدُهَا وَذَلِكَ جُهْدُهَا

فَخُذِ الثَّنَاءَ اليَوْمَ مِنْ أَعْمَالِهَا

أُطْلُلْ عَلَيْهَا بَاسِماً مُتَأَلِّقاً

مِنْ حَيْثُ تَبْدُو الزُّهْرُ فِي إِطْلالِهَا

وَحِيَالَكَ الشُّهَدَاءُ مِنْ آسَادِهَا

وَحِيَالَكَ الشُّهَدَاءُ مِنْ أَشْبَالِهَا

نُخَبٌ مِنَ النخَبِ الأَعِزَّةِ عُوجِلَتْ

مِنْ أَجْلِ هَذَا اليَوْمِ فِي آجَالِهَا

وَانْظُرْ إِلَى مِصْرَ الوَفِيَّةِ رَاضِياً

عَمَّا تَرَاهُ مِنْ جَدِيدِ خِلالِهَا

أَيْقَظْتُهَا وَظَلِلْتَ بَعْدَ نُهُوضِهَا

عُنْوَانَ عِزَّتِهَا وَرمْزَ جَلالِهَا

فَإذَا هِيَ اسْتَبْقَتْكَ بَيْنَ عُيُونِهَا

فَمِثَالُكَ المَشْهُودُ عَينُ مِثَالِهَا

وَإذَا بَنَتْ لَكَ مَضْجَعاً فِي صَدْرِهَا

فَذَخِيرَةً تُهْدَى إِلَى أَجْيَالِهَا

إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ اسْتَضَاءَ بِشُعْلَةٍ

عِنْدَ الخُلُودِ السِّرُّ فِي إِشْعَالِهَا

مِنْ نَفْسِهَا وَبِنَفْسِهَا تَذْكُو فَمَا

تَفْنَى وَمَا يَفْنَى خَفِي ذُبالِهَا

هَيْهَاتَ أَنْ تَنْسَاكَ مِصْرُ وَلَمْ تَكُنْ

يَا سَعْدَهَا إِلاَّ مُصَدِّقَ فَأْلِهَا

خَلَّفْتَ فِيهَا مُصْطَفَاكَ فَكُلَّمَا

شَهِدَتْ مَواقِفُهُ خَطَرْتَ بِبَالِهَا

أَدَّى الأَمَانَةَ قي تَقَاضِي حَقِّهَا

وَاسْتَنْجَزَ الأَيَّامَ بَعْدَ مِطَالِهَا

هَلْ أَنْتُمَا إِلاَّ زَعِيما شَعْبِهَا

وَمُسَيِّرَاهَا فِي سَبِيلِ كَمَالِهَا

عَلَمَانِ إِنْ قَدَرَتْ خِصَالَكُمَا فَقَدْ

قَدَرَتْ وَلَمْ تخْطِيءْ أَجَلَّ خِصَالِهَا

يَا ذَا الرِّيَاسَاتِ الَّتِي أَضْفَتْ عَلَى

وَادِي الكِنَانَةِ وَارِفَاتِ ظلالِهَا

عَافَاكَ رَبُّكَ كيْفَ تَضْطَلِعُ القوَى

بِأَقَلِّ مَا حُمِّلْتَ مِن أَحْمَالِهَا

قَلْبُ الفَتَى يُوهِيهِ شُغْلٌ وَاحِدٌ

أَتُطِيقُ مَا تَبْلُوهُ فِي أَشْغَالِهَا

لَكِنَّ نَفْساً فِي جِهَادِكَ رُضْتَهَا

بِالحَادِثَاتِ خِفَافِهَا وَثِقَالِهَا

مَحَّصْتَها تَمْحِيصَ أَغْلَى جَوهَرٍ

فِي ضَيْمِ كُلِّ مُلِمَّةٍ وَنَكَالِهَا

وَبِذَاكَ أَشْهَدْتَ البِلادَ مَدَاك فِي

إِنْجَاحِ مَا بَسَطَتْهُ مِنْ آمالِهَا

أَليَوْمُ بَيْنَ يَدَيْكَ أَجْمَعَ أَمْرِهَا

وَالحَالُ حَالُ الفَصْلِ فِي اسْتِقْبَالِهَا

فَلْتَشْهَدِ الأَيَّامُ بَعْثَةَ شَمْسِهَا

وَليَغْمُرِ الأفَاقُ ظِلُّ هِلالِهَا