خرجت هند ذات يوم وفوز

خَرَجَتْ هِنْدُ ذَاتَ يَوْمٍ وَفَوْزٌ

وَسُعَادٌ يَهِمْنَ مِنْ غَيْرِ قَصدِ

يَتَهَادَيْنَ فِي الرِّيَاضِ أَصِيلاً

لاَعِبَاتٍ توَارِكاً كُلَّ جِدِّ

فَرِحَاتٍ يَرَيْنَ مَا أَلِفَتْهُ

كُلُّ عيْنٍ كَحَادِثٍ مُسْتَجَدِّ

كَانَ فَصْلُ الْخَرِيفِ وَالوَقْتُ أَصْفَى

مَا يَكُونُ اعْتِدَالُ حَرٍّ وَبَرْدِ

تَبْعَثُ الشَّمْسُ بَاهِرَاتِ شِعَاعٍ

تَغْتَدِي فِي انْحِدَارِهَا شِبْهَ رُبْدِ

فَهْيَ فِي الأُفْقِ تَارَةً مَسَحَاتٌ

مِنْ بَهَارٍ وَتَارَة نَثْرُ وَرْدِ

وَهْيَ بَيْنَ الْغُصُونِ نَسْجٌ دَقِيقٌ

مِنْ نُضَارٍ يَشِفُّ عَنْ لاَزوَرْدِ

شَارَفَتْ هِنْدُ رَوْضَةً ثُمَّ قَالَتْ

وَهْيَ تَفْتَر عَنْ جَوَاهِرِ عِقْدِ

أُنْظُرَاهَا خَلِيلَتَيَّ أَلَيْسَتْ

شِبْهَ بَيْتٍ كَثِيرِ أَصْلٍ وَوُلْدِ

حَبَّذَا هَذِهِ الثَّمَارُ الرضِيعَا

تُ تَعَلَّقْنَ كُلُّ طفِلٍ بِنَهْدِ

وَبِجَدِّي شَيْخٌ مِنْ الدَّوْحِ صُلْبٌ

هُوِ ثَرْثَارَةٌ عَبُوسٌ كَجَدِّي

فَتَضَاحَكْنَ مِنْ مَقَالَةِ هِنْدِ

وَتَمَايَلْنَ عَنْ أَفَانِينَ رَنْدِ

عَجَباً كَانَ لِلصَّوَاحِبِ مَرَأَى

كُلِّ هَذَا وَكَانَ مَأْلُوفُ عَهْدِ

فَتَمَادَيْنَ فِي المَسِيرِ يَمِيناً

وَشِمَالاً وَمَا شَعَرْنَ بِكَدِّ

صَافِيَاتِ الأَفْكَارَِ مِنْ كُلِّ هَمٍّ

خَالِيَاتِ الْقُلُوبِ مِنْ كُلِّ وَجْدِ

لَمَحَتْ فَوْزُ لَمْحَةً أَعْجَبَتْهَا

فَأَشَارَتْ إِلَى سُعَادَ وَهِنْدَ

مَا تُرَى هَذِهِ الثِّمَارُ الْبَوادِي

كَشُمُوسٍ صَغِيرَةٍ عَنْ بُعْدِ

هِيَ كَالْبُرْتُقَالِ لَوْلاَ شِفَاهٌ

قدَّمَتْهَا لِلْعُودِ بُغْيَةَ وَردِ

قَالَتَا لاَ نَدْرِي فَقَالَتْ أَعَوْناً

مِنْكُمَا إِنْ عَلِمْتُمَا مَا بِوِدِّي

حَبَّذَا الإِثْمُ لَوْ لَطُفْنَا إِلَيْهَا

سَارِقَاتٍ أَخَافُ أَفْعَلُ وَحْدِي

وَإِذَا حَارِس بَدَا مِنْ خَفُاءٍ

كَتَرَائِي الشَّيْطَانِ فِي شَكْلِ عَبْدِ

فَتَهَيَّبْنَهُ فَحَيَّا بَشُوشاً

عَنْ وَمِيضٍ فِي حَالِكٍ مُسْوَدِّ

قُلْنَ يَا حَارِسَ المَكَانِ أَفِدْنَا

لَمِنِ الْبَيْتُ إِنَّهُ بَيْتُ مَجْدِ

قَالَ بَيْتُ الأَمِيرِ يُوسُفَ هَذَا

فَحَمِدْنَ الزُّنْجِيَّ أَحْسَنَ حَمْدِ

وَتَرَاجَعْنَ هَيْبَةٌ صَامِتَاتٍ

لَيْسَ مِنْهُنَّ مَنْ تُعِيدُ وَتُبْدِي

آسِفَاتٍ عَلَى مُنىً شَائِقَاتٍ

فُزْنَ مِنْهَا بِخَيْبَةٍ وَبِصَدِّ

نَاظِرَاتٍ إِلَى الشُّمُوسِ اللَّوَاتِي

ُدْنَ عَنْهَا بِمِثْلِ أَعْيُنِ رُمْدِ

يَتَصَوَّرْنَهَا عَبِيراً ذَكِيّاً

وَشَرَاباً عَذْباً وَطَعْمَاً كَشُهْدِ

كَانَ هَذَا لَهُنَّ هَماً وَهَلْ فِي

حَالَةٍ بَعْدَهُ مَظِنَّةُ سَعْدِ

نِعْمَ ذَاكَ الزَّمَانٌ كَانَ عَلَى مَا

أَفسَدَ الجَّهلُ فِيهِ أَطيَبَ عَهْدِ

يَومَ تِلكَ الثِّمارُ أَنفَسَ شَيءٍ

عِندَهُم وَالأميرُ فِيهِم أَفَندِي