خطبان قد تتابعا وأحربا

خَطْبَانِ قَدْ تَتَابَعَا وَأحْرَبَا

لِمَا أَصَابَ الثَّاكِلَ المُنْتَحِبَا

أَنْضَبَ مَاءُ عَيْنِهِ مِمَّا بِكَى

نَجْلَيْهِ حَتَّى قَلْبُهُ تَصَبَّبا

يُوسُفُ أَنَّ الرُّزْءَ جِدُّ فَادِحٌ

فَارْجَعْ إِلَى العَقْلِ إِذا الطَّبْعُ أَبَى

أَلَمْ تَكُنْ فِي كُلِّ مَا مَارَسْتَهُ

مَنْ عَرَكَ الدَّهْرَ وَرَاضَ المَصْعَبَا

حِكْمٌ مِنَ اللهِ جَرَى فَاصْبِرْ لَهُ

وَعَلَّ صَبْراً يَدْرَأُ المَغْيَبَا

شَفْعٌ بِطِفْلَيْكَ اللَّذَيْنِ بَقَيَا

لَكَ المَلاَكَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَهَبَا

وَاشْدُدْ قِوَى رُوحَكَ وَاحْمِلْ جَاهِداً

عِبْئَيْهِمَا أَلَسْتَ لِلْكُلِّ أَبَ

إِذَا ضَحَا ظِلُّكَ مَا حَالُهُمَا

مُعَاقَبَينِ وَهُمَا مَا أَذْنَبَا

يَا مَنْ بِعَطْفِهِ وَبَسْطِ كَفِّهِ

كَفَى الضِّعافَ المُعْدَمِينَ النُّوَبا

وَوَسَّع العَيْشَ لَمَنْ ضَاقَ بِهِمْ

فَجَعَلَ العَيْشَ لَهُمْ مُحَبَّبا

كَيْفَ يَكُونُ بُؤْسُهُمْ إِنْ حُرِمُوا

ذَاكَ النَّصيرَ الأَرْيحيَّ الحَدَبَا

وَالأَصْفِياءُ الكُثْرُ مَا وَحْشَتُهُمْ

إِنْ فَقَدوا أُنْسَ الصَّفيِّ المُجْتَبَى

وَأُمَّة أَنْتَ فَتَاهَا المُرْتَجَى

فِي كُلِّ مَا تَبْغِي وََيَنْأَى مَطْلَبَا

لاَ تَقْطَعَنَّ سَبَباً عَزَّتْ بِهِ

وَلَمْ يَكُنْ إِلاّكَ ذَاكَ السَّببَا

دُرويسُ كَانَتْ فِي حَلاَهَا زَهْرَةً

والْيَومَ أْسَتْ فِي عَلاَها كَوكَبَا

أَبْهَى البَنَاتِ صُورَةً أَنْقَى

اللَّدَاتِ سِيرَةً أَعَفَّهنَّ مَشْرَبا

مَرَّتْ بِدُنْيَاهَا فَلَمْ تَأْتَلِفَا

وَلَيسَ لِلْضِّدَيْنِ أَنْ يَصْطَحِبَا

فَمَا دَرَتْ مِنْهَا وَلاَ عَنْهَا سِوَى

ما كَانَ مَلْهَى طَاهِراً ومَلْعَبا

يَا أُمَّها وَأَنْتََِ أَهْدَى قِدْوَةً

للأُمَّهاتِ خُلُقاً وَأَدَبَا

إِيمَانُكِ الحَيِّ وَهّذَا وَقْتُهُ

يُهِّن الْبَلْوَى وَيَأْتِي العَجَبَا

عِيشِي وَرَبِّي وَلَدَيْكِ فَهُمَا

يُعَزِّيَانِ الفَاقِدَ المُحْتَسَبا

وَارْعَيْ أَبَاهُمَا فَمَا أَحْوَجَهُ

إلى الَّتي رَعَتْهُ مِنْ عَهْدِ الصِّبا

فِي جَنَّة اللهِ وَفِي نَعِيمِهِ

مُغْتَرِبَانِ عِنْدَهُ مَا اغْتَرَبا

تَغَيَّبا عَنِ العُيوُنِ غَدْوَةً

لَكِنْ عَنِ الْقُلُوبِ مَا تَغَيَّبا