ربة الدولة والجاه المكين

رَبَّةَ الدَّوْلَةِ وَالجَاهِ المَكِينْ

عُدْتِ يَحْدُو رَكْبَكِ الرُّوحُ الأَمِينْ

عُدْتِ فِي مُنْشَأَةٍ مُعْتَزَّةٍ

بِكِ وَالبَحْرُ ذَلُولٌ مُسْتَكِينْ

يَتَلَقَّاهَا بِرِفْقٍ صَدْرُهُ

وَيُحَيِّي عَنْ شِمَالٍ وَيَمِينْ

قُلِّدَتْ مَا قُلِّدَتْ مِنْ شَرَفٍ

وَلَهَا أَعْلَى لِوَاءٍ فِي السَّفِينْ

بَسَمَ الأُفْقَيْنِ فِي آنٍ بَدَتْ

آيَتَا الإِحْسَانِ وَالحُسْنِ المُبِينْ

بَزَغَتْ شَمْسُ الضُّحَى مِنْ سِتْرِهَا

وَهِلالُ العِيدِ مِنْ أَنْقَى جَبِينْ

مَرْحَباً بِالفَضْلِ وَالنُّبْلِ مَعاً

طَلَعَا بِاليُمْنِ لِلْمُرْتَقِبِينْ

هَذِهِ جَنَّات مِصْرٍ أَبْرَزَتْ

لَكِ مِنْ زِينَتِهَا مَا تَشْهَدِينْ

لَبِسَتْ سُنْدُسَهَا الأَرْضُ لِمَنْ

أَلْبَسَتْهَا الفَخْرُ بَيْنَ الأَرَضِينْ

آتَتِ الأَشْجَارُ مَا اسْتَنْبَتَهَا

بِرُّهَا مِنْ أُكُلٍ لِلآكِلينْ

شَدَتِ الأَطْيَارُ تَتْلُو حَمْدَهَا

بَعْدَ حَمْدِ الله رَبِّ العَالَمِينْ

حَبَّذَا تَغْرِيدُهَا فِي جَذَلٍ

بَعْدَ شَجْوٍ رَدَّدَتْهُ وَأَنِينْ

إِنَّ آمَالَ بِلادٍ وَمُنَى

أُمَّةٍ مُوحِيَةٌ مَا تَسْمَعِينْ

لَيْسَ فِيهِ مِنْ مُدَاجَاةٍ وَهَلْ

يَصْدُقُ الإِنْشَادُ وَالقَلْبُ يمينْ

فَاضَ مَجْرَى النِّيلِ مِنْ يَنْبُوعِهِ

بَاسِطاً أَذْرُعَهُ لِلْمُسْتَقِينْ

يَحْمِلُ الخِصْبَ وَمَا عُنْصُرُهُ

غَيْرُ مَا يُهْدِي مِنَ الكَنْزِ الثَّمِينْ

أَرْخَصَ العَسْجَدَ حَتَّى إِنَّهُ

جَازَ فِي المَأْلُوفِ أَنْ يُسْمَى بِطِينْ

فَهْوَ فَوْقَ التُّرْبِ تِبْرٌ ذَائِبٌ

وَهْوَ للوُرَّادِ سَلْسَالٌ مَعِينْ

عَوْدُكِ المَحْمُودُ عِيدٌ لِلْحِمَى

وَلأَهْلِيهِ عَلَى مَرِّ السِّنِينْ

لَوْ تَسَنَّى فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ

جَمْعُهُمْ أَلْفَيْتِهِمْ مُجْتَمِعِينْ

ذَلِكَ الوُدُّ قَديمٌ زَادَهُ

كُلَّ يَوْمٍ سَبَبٌ مِنْكِ مَتِينْ

مَكْرُمَاتٌ أَلَّفَتْ بَيْنَهُمُ

إِنْ يُرَوا فِي غَيْرِهَا مُخْتَلِفِينْ

كَيْفَ لا يُصْفِيكِ وُدّاً مَعْشَرٌ

لَكِ بِالشُّكْرِ عَلَى الدَّهْرِ مَدِينْ

زِدْتهِ بِرّاً بِأَنْ كُنْتِ لَهُ

نِعْمَةَ القُدْوَةُ فِي دُنْيَا وَدِينْ

لاَ كَبَا جَدُّكِ مِنْ سَيِّدَةٍ

فَضْلُهَا يَشْمَلُهُ فِي كُلِّ حِينْ

لَوْ عَدَدْنَا فِيهِ مَنْ أَسْعَدْتِهِ

لَعَدَدْنَاهُمْ أُلُوفاً وَمِئِينْ

تُخْطِيءُ الحَصْرَ أَيَادٍ لَمْ تَدَعْ

مَوْضِعاً لِلْحُزْنِ فِي قَلْبٍ حَزِينْ

زَارَتِ الدَّهْمَاءَ فِي أَخْصَاضِها

وَاسْتَزَارَتْهَا قُصُورُ المَالِكِينْ

كَمْ بَنَتْ مَأْوىً وَشَادَتْ مَلْجَأً

لِلأَيَامَى وَاليَتَامَى البَائِسِينْ

وَأَقَامَتْ دَارَ عِلْمٍ نَشَّأَتْ

خَيْرَ جِيلٍ مِنْ بَنَاتٍ وَبَنِينْ

يَا لَهَا مِنْ مَأْثَرَاتٍ كُلُّهَا

خَالِدٌ فِي ذِكْرَيَاتِ الذَّاكِرِينْ

دُمْتِ لِلإِحْسَانِ مَا طَالَ المَدَى

وَأَعَزَّ اللهُ أُمَّ المُحْسِنِينْ