روعت بالفراق بعد الفراق

رُوَّعَتْ بِالفِرَاقِ بَعْدَ الفِرَاقِ

وَبِهَا مَا بِهَا مِنَ الأشْواقِ

بَعْلَبَكٌّ تَبْكِي وَلِيداً تَرَدَّى

نَازِحاً وَاحْتَوَتْهُ أَرضُ العِرَاقِ

كَانَ سُلوَانَهَا رَجَاءُ تَلاَقٍ

أَيْنَ أَمْسَى مِنْهَا رَجَاءُ التّلاَقِي

لاَ تَخَافِي اغْتِرَابَهُ وَتَخَالِي

أَنَّ بُعْداً تَبَاعُدُ الآفَاقِ

إنَّما النَّأيَ فِي اخْتِلاَفِ المَرَامي

وَتَنَابِي الخلاَلِ وَالأَخْلاقِ

لَيْسَ فِي مَوْطِنِ الكِرَامِ اغْتِرَابٌ

لِكَرِيمِ الأُصُولِ وَالأَعْراقِ

لَحْدُ ذَاكَ الفَقِيدِ إِنْ ضَنَّتِ

السُّحبُ سَقَتْهُ سُحْبٌ مِنَ الآمَاقِ

وَيُحَيِّي حَجِيجَهُ العِزَّةُ

القَعْساءُ فِي هَبْيَةٍ وَفِي إِطْرَاقِ

رُسْتُمٌ كانَ فِي العِرَاقِ مِنَ القَوْ

مِ وَزَكى دَعْوَاهُ بِالمِصْدَاقِ

عَاشَ فِيهِمْ مُحَبَّباً وَحَبِيباً

مُخْلِصاً وُدَّهُ بِغَيْرِ مَذَاقِ

مَالِكاً مِنْهُمُ القُلُوبِ بِزِينَا

تِ السَّجايَا وَبِالطِّباعِ الرِّقَاقِ

قَمَرٌ سَابَقَ الظُّنونَ وَلَمْ يَرْ

عَ أَوَاناً لِمِثْلِهِ فِي المَرَاقِي

أَتُرَى كَانَ ذَلِكَ الوَثْبُ مِنْهُ

فِي المَعَالِي مُعَجِّلاً لِلمُحَاقِ

أَيُّ جَاٍٍ سَمَا إِلَيْهِ فَأَجْرَى

دَمَهُ الحُرَّ تَبَّ أَهْلُ الشِّقاقِ

ذَلِكَ الرَّهْطُ بِئْسَ مَا تَرَكَتْهُ

مِنْ تُرَاثٍ أَيَّامُ الاِسْتِرْقَاقِ

لَوْ أُبِيدَ الأَشْرَارُ لَمْ تَفِ إِلاَّ

دِيَةَ المَجْدِ بِالدَّمِ المُهْرَاقِ

وَفِدىً لِلإِخَاءِ بَيْنَ شُعُوبِ

الضَّادِ أَغْلَى النُّفوسِ وَالأَعْلاَقِ

وَيْلَهُمْ مَا أَفَادَهُمْ أَنْ يُثِيرُوا

فِتْنَةً مِنْ خَبَائِثِ الأَعْمَاقِ

أَحْنَقُوا أُمَّه عَلَيْهِمْ وَزَادُوا

ذِمَماً لِلقَتِيلِ فِي الأَعْنَاقِ

نَحْنُ فِي حِقْبَةٍ تَحَوَّلَ حَالُ

الخَلْقِ فِيهَا عَنْ شِرْعَةِ الخَلاَّقِ

عَادَ فِيهَا ذُو المَبْسَمِ الحُلوِ أَضْرَى

مِنْ ذَوَاتِ الأَنْيَابِ وَالأشْدَاقِ

أَينَ دَامِي الأظْفَارِ مِنْ قَاذِفْ النَّا

رِ وَمُفْنِي الدِّيَارِ بِالإِحْرَاقِ

وَمُعِيدِ النَّسيمِ سُمّاً زُعَافاً

وَمُبِيدِ السَّفينِ بِالإِغْرَاقِ

لَكَأَنِّي بِالعِلمِ سَخَّرَ فِيهَا

بَأْسَهُ لِلطُّغاةِ وَالفُسَّاقِ

وَالحِمَامُ المُصَيَّرُ فِي الكَوْنِ

مَنْ يَعْلَمُ سِرَّ البَقَاءِ غَيْرَ البَاقِي

مِحْنَةٌ إِنْ تَكُ المَنِيَّة مَنْجَا

ةً فَمِنْهَا وَالفَوْزُ لِلسَّباقِ

بَلْ لَعَلِّي شَطَطْتُ فِي الحُكْمِ

وَالأَحكَامُ لاَ تَستَقِيمُ فِي الإِطْلاَقِ

قَدْ يَجِيءُ الخَيْرُ الكَبيرُ مِنَ الشَّرَّ

إِذَا جَازَ مَا لَهُ مِنْ نِطَاقِ

يَا فَقِيداً مِثَالُهُ الحَيُّ لنْ يَبْرَحَ

مِلْءَ القُلُوبِ وَالأَحدَاقِ

أُمَّة العُرْبِ ذَاقَتِ الهُونَ أَحْقَا

بَاً طِوَالاً وَالهُونَ مُرَّ المَذَاقِ

كَيْفَ تَنْسَى فَضْلَ المُنَادِينَ

بِالوَحْدَةِ وَالوَاضِعِينَ لِلمِيثَاقِ

وَالأولَى أَفْنوا العَزَائِمَ فِي رَبْطِ

الأَوَاخِي وَفِي التِمَاسِ الوِفَاقِ

فَلتَكُنْ لِلعَهْدِ الجَدِيدِ شَهِيداً

خَالِداً بِالذِّكْرَى عَنِ اسْتِحْقَاقِ

كُلُّ بَذْلٍ كَمَا بَذَلتَ خَلِيقٌ

بِجَزَاءٍ مِنَ الفَخَارِ وِفَاقِ

إِلحَقِ اليَوْمَ فَيْصَلاً فَلَقَدْ كُنْتَ

لِخَيْرِ المُلُوكِ خَيْرَ الرِّفَاقِ

وَلَوِ الوَاجِبُ المُخَلَّفُ لَمْ يَثْنِكَ

لَمْ تُلْفَ مُبْطِئاً بِاللِّحَاقِ

وَاجِبٌ مُرْهِقُ التَّكالِيفِ

أَدَّيْتَ تَكَالِيفَهُ عَلَى الإِرْهَاقِ

لَكَ فِيهِ بِتُّ قَوِيمٌ وَرَأْيٌ

وَاسِعُ الأُفْقِ سَاطِعُ الإِشْرَاقِ

سُسْتَ مَنْ سُسْتَ فِي الوَزَارَةِ بِالحَقِّ

وَوَفَّيتَ مَا اقْتَضَتْ مِنْ خَلاَقِ

وَأَتَيْتَ الإِصْلاَحَ مِنْ حَيْثُ يُؤْتَى

فِي الأُمُورِ الجِسَامِ أَوْ في الدِّقَاقَ

يَا بُنِي حَيْدَرَ الكِرَامَ أُعِزِّيكمْ

وَدَمْعِي مِنْ حَرِّهِ غَيْرُ رَاقِ

رُزْوكُمْ رُزْؤُنا وَكَالعَهْدِ فِي الوُدِّ

خَوَالِي أَيَّامِنَا وَالبَوَاقِي

شَاطَرَ العُرْبُ حُزْنَكُمْ وَتَلَظَّى

كُلُّ قَلبٍ لِمَجْدِهِمْ خَفَّاقِ

عَظَّم اللهُ أَجْرَكُمْ مَا صَبَرْتُمْ

وَوَقَاهُمْ مَكَارِهَ الدَّهْرِ وَاقِ