عذيري من ضنى القلب الحزين

عَذِيرِي مِنْ ضَنَى الْقَلْبِ الْحَزِينِ

عَلَى الإِلْفِ المُفَارِقِ مَكْسَوينِي

جوادٌ شَاخَ فِي طَلَبِ المَعَالِي

وَلَكِنْ مُهْراً فِي عُيُونِي

أُرِيدُ بَقَاءهُ وَ الدَّهْرُ آبٍ

عَلَيَّ بَقَاءَهُ فِيمَا يُريِني

يُقَطِّعُ بِالْقُنُوطِ نِيَاطَ قَلْبِي

وَيُلْقِي الرَّيْبَ فِي عَقْلِي وَدِينِي

أَتُوقِرْهُ السَّنُونَ فَلَنْ أَرَاهُ

طَلِيقاً مَارِحاً مَرَحَ الْجُنُونِ

كَمَا هُوَ كَانَ وَ الدُّنْيَا شَبَابٌ

وَفِيه رَوَائِعُ الْحُسْنِ المُبِينِ

وَإنْ يَخْتَلْ عَلَى الأفْرَاسِ تِيهاً

فَشَتْ فِيهِنَّ أَعْرَاضُ الْفُتُونِ

وَإنْ يَصْهِلْ فَأَبْجَرُ آلِ عَبْسٍ

لَهُ صَوْتٌ يُعَادُ بِلاَ رَنِينِ

فَيَا أَلْفاً وَبِضْعَ مِئِينَ أَطْوِلْ

بِهَا أَلْفاً وَبِضعاً من مِئِينِ

أَبدْعٌ وَالمَسَافَةُ تِلْكَ أَنَّا

سَمِعْنَا الرَّعْدَ صَارَ إلى أنِينِ

مَضَى زَمَنُ الصِّبَا وَمَضَى التَّصَابِي

وَلَجَّ الدَّاءُ فِي الشَّيْخِ الزَّمِينِ

فَوَا حَرَبَا عَلَيْه وَكَانَ دَهْراً

على اسْتقصَاءِ حَاجَاتِي مُعِينِي

وَكَانَ إذَا الْوَجَاهَاتُ اقْتَضَتْني

تَحَمَّلنِي إلى مَا تَقْتَضينِي

وَيَمْنَحُ جُلُّهُ رَكْبِي جَلاَلاً

يُرِينِي أَنَّ كُلَّ الخَلْقِ دُوِني

وَمَا أَحْلاَهُ أَبْيَضَ غَيْرَ حُرٍّ

عَفِيفَ الْفَكِّ وَضَّاحَ الُجَبِينِ

يَزِينُ سِوَاهُ تَحْجِيلٌ يَسِيرٌ

وَحُجِّلَ كَلُّهُ حَتَّى الُوَتِينيِ

لَهُ ذَيْلٌ يُشِيرُ بِه دَلاَلاً

إلا ذَاتِ الشَّمَالِ أَوِ الْيَمِينِ

فَيَحْكِي رَايَةً غَرَّاءَ تَسْعَى

لِتَشْفِي كُلَّ ذِي دَاءٍ دَفِينِ

أَمَحْجُوبُ المَعَانِي وَالمَعَانِي

بِوَجْهِكَ ظَاهِرَاتٌ عَنْ يَقِينِ

أَسَاكَ وَفِيه كُلُّ أَخٍ شَرِيكٌ

يَحِقُّ عَلَى مُفَدِّيكَ الأَمِينِ

تَبَدَّلَ مِنْهُ مَجْدُكَ حِينَ يَمْطُو

بِأَزَّازٍ وَ تَفَّافٍ لَعِينِ

يُفَلِّتُ مَاشِياً تَفْلِيتَ سَوءٍ

أَلِيماً لِلأُنُوفِ وَلِلْجُفُونِ

وَبَيْنَا يَسْبُقُ القَصْدَ انْدِفَاعاً

إذّا هُوَ قَدْ تَوَقَّفَ قَبْلَ حِينِ

فَخَضَّكَ فِي مَكَانِكَ خَضَّ زْبْدٍ

وَلَسْتَ لِسُوءِ حَظِّكَ بالسَّمِينِ

فَتَسْمَعُ قَعْقَعَاتٍ مِنْ عِظَامٍ

تَرَضَّضُ فِيكَ مِنْ شَدٍّ وَلِينِ

عَزَاءَكَ فِي جَوَادِكَ يَا صَديقِي

فَكَمْ فِي الْبُعْدِ عَنُهُ مِنْ شُجُونِ

إخَالُ المَوْتَ يُنْذِرُهُ وَإنِّي

لأَُبُصِرُ قَسْوَةَ الدِّهْرِ الخَؤُونِ

فَإنْ يَتَوَلَّ عَنْكَ يَمُتْ حَمِيداً

وَلَمْ يَكُ بِالأَكُولِ وَلاَ البَطِينِ

ويَمْضِ فدِىً لأَرْوَعَ شِمَّرِيٍّ

مُحِيطٍ بِالْعُلُومِ وَبِالُفُنُونِ

طَبِيبٍ بِالمَعَارِفِ لاَ يُضَاهَى

أدِيبٍ غَيْرِ خَالٍ مِنْ مُجُونِ

إذَا مَا هَزَّ لِحْيَتَهُ خَطِيباً

يَقُولُ الْخَصْمُ يَا أرْضُ ابْلَعِينِي