فخر البلاد بعهدها المتجدد

فَخْرُ الْبِلاد بِعَهْدهَا الْمُتَجَدِّد

سَيَظَلُّ مُقْتَرِناً بِذِكْرَى أَحْمَدِ

مَاذَا يُعَزِّي عَنْهُ أُمَّتهُ وَهَلْ

لِلأُمِّ سَلْوى عَنْ فَتَاهَا الأَوْحَدِ

لَوْ فِي عُلاَهَا فَرْقَدانِ لَهَانَ مَا

تَلْقَى وَكَانَ لَهَا العَزَاءُ بِفَرْقَد

نَجْمٌ تَرَامَى النُّورُ مِنْ عَلْيَائه

فَأَضَاءَ آفَاقَ الزَّمَانِ الأَرْبَد

لأْلاَؤُهُ يَرْفَضُّ أَلْوَاناً وَفِي

ذَاكَ التَّشعُبِ قُوَّةٌ لَمْ تُعْهَد

وَالعَبْقَرِيَّة قَدْ تُفَرِّقُ فِي حَلىً

شَتَّى مَظَاهِرِ وَحْيِهَا المْتُوَقِّد

عَجَبٌ وَمَوْرِدهُّن مِنْهَا وَاحِدٌ

أَنْ يَخْتَلِفْنَ عَلَى اتِّفَاقِ الْمَوْرِد

وَالَهْفَ مِصْرَ عَلَى فَقَيدٍ رِزْءُهُ

رِزْءٌ إِذَا أَحْصَيْتُهُ لَمْ يُعْدَد

نَزَلَ الْقَضَاءُ بِه فَطَاحَ بِعَالِمٍ

مُتَفَوِّقٍ وَبِحَاسِبِ مُتَفَرِّد

وَبِمُنْشِيءٍ مَا صَاغَ إِلاَّ الْمُنْتَقَى

وَبِمُفْصِحٍ مَا قَالَ غَيْرَ الْجيِّد

وَبِمُحْكَمِ التَّدْبِيرِ يَرْعَى مَا رَعَى

قَصْداً وَيُسْرِفُ فِي الْعنَاءِ الْمُجْهَد

تُبْدِي لِعَيْنَيْهِ الأُمُورُ لُبَابَهَا

وَيُحَلُّ بَيْنَ يَدَيْهِ كُلُّ مُعَقَّد

نَاهِيكَ بِالشِّيمِ الْحِسَانِ وَقِسْطِهِ

مِنْ كُلِّهَا قِسْطِ الأَعَزِّ الأَمْجَد

أَخْلاَقُ مُقْتَدِرٍ حَلِيمٍ حَازِمٍ

سَمْحٍ قَوِيمِ النَّهْجِ طَامِي الْمَقْصدِ

يَهدِي سَنَاهُ سَبِيلَ كُلِّ مُثَقَّفٍ

جَارَتْ بِهِ الدُّنْيَا فَلَيْسَ بِمُهْتَدِ

ويَصِيبُ مِنْهُ كُلَّ طَالِبِ نَجْدَةٍ

حَظّاً إِذَا مَا قِيلَ هَلْ مِنْ مُنْجِدِ

يَلْقَاكَ بِالْبِشْرِ الطَّلِيقِ وَأَنْتَ مِنْ

إِجْلاَلِهِ تِلْقَاءَ أَهْبَبَ أَصْيَدِ

مَا كَانَ أَسْكَتَهُ وَأَرْبَطَ جَأْشِهِ

فِي لَزْبَةِ الحَدَثٍ الْمُقِيمِ الْمُقْعَدِ

نَفَعَ الصِّناعَةَ وَالزِّرَاعَةَ بَاذِلاً

لِصَلاَحِ حَالِهِمَا يَداً تِلْوَ الْيَد

وَرَعَى مَعَاهِدَ الاقْتِصَادِ فَأَزهَرَتْ

وَقَضَتْ مُنىً بِعَدِيدِها الْمُتَعَدِّدِ

كَانتْ خَزَائِنُ مِصْرَ طَوْعَ بَنَانِهِ

وَمَضَى نَقِيّاً جَيبُهُ حُلْوَ الْيَد

إِلاَّ فُضُولاً مِنْ مُحَلِّلِ كَسْبِهِ

لَمْ تُحْتَسَبْ فِيْهَا مُعَاجَلَةُ الْغَد

لَوْلاَ النَّزَاهَةُ وَهْيَ أَغْلَى ذُخْرِه

مَا مَاتَ مُغْنِي الْقَوْمِ شِبْهَ مُجَرَّدِ

وارَحْمَتَا لِلْمُسْتَقِرِّ بِرِغْمِهِ

وَالْعَزْمُ بَيْنَ ضُلُوعِهِ لَمْ يَهْمُدِ

مِصْر الْهَوَى لَمْ بَلْهِهِ عَنْهَا هَوىً

فَإِذَا دَعَتْ لَبَّى وَلَمْ يَتَرَدَّدِ

أَدْمَى حَشَاهَا أَنْ يَجُودَ بِنَفْسِهِ

حُباً وَلَمْ تَمْلُك فِدىً لِلْمُفْتَدِي

قَبْلَ الأَوَانِ ثَوَى وَكَمْ مِنْ لَفْتَةٍ

يَوْمَ اسْتَقَلَّ لِفَاقِدٍ مُتَفَقِّدِ

سَارَتْ تُشَيِّعهُ الْجُمُوعُ وَلَمْ يَكُنْ

فِيهَا سِوَى الْبَاكِي أَوِ الْمُتَنَهِّدِ

وَتَسَاوَتِ الطَّبقَاتُ خَاشِعَةً فَلَمْ

يُرَ مَشْهَدٌ بِجَلاَلِ ذَاكَ الْمَشْهَدِ

يَا رَاحِلا أَتَتِ الْمَنِيَّة دُونَهُ

وَبِهِ النُّفوسُ عَوَالِقٌ لاَ تُبْعَدِ

صِمْصَامُ قَوْمٍ أَغْمَدَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ

أَيَّامَ حَاجَتِهِمْ إِليْهِ بِمُغَمَدِ

وَشِهَابُ أَوْجٍ عُطِّلتْ عَلْيَاؤُهُ

مِنْ أَفْخَرِ الزِّيناتِ فِي الْمُتَقَلِّدِ

فِي الْحَقِّ أَنَّك نِمْتَ نَوْماً هَادِئاً

سَيَطُولُ أَمْ هَذَا غِرَارُ مُسَهَّدِ

وَرَحَمْتَ نَفْسَكَ أَمْ عَصَتْكَ فَأُسْقِ

طَتْ عَنْهَا تَكَالِيفُ الجِهَادِ السَّرْمَدِ

مَنْ ظَنَّ خِلْوَتَكَ الأَمِينَةَ حَوْمَةً

فِيهَا تُلاَقِي مَصْرِعَ الْمُسْتَشْهِدِ

سَتَعِيشُ بِاسْم فِي الْقُلُوبِ مُخَلَّدٍ

إِن كَانَ هَذَا الْجِسْمُ غَيْرَ مُخَلَّد

وَسَيَكْمِلُ إِبْنُكَ مَا بَدَأْتَ مُؤَيَّداً

بِرِعَايَةِ اللهِ الْعَلِّي الأَيِّدِ

يَا سرَّ أَحْمَدَ وَالْبَقَاءُ تَسَلْسُلٌ

مَاذَا تُسَامُ لِصَوْنِ أَكْرَمِ مَحتدَ

أَعْزِزْ عَلَى الْقُرَبَاءِ وَالبُعَدَاءِ أَنْ

تُمْنَى بِفَقْدِ أَبِيكَ مُنْذُ الْمَوْلِدِ

عِشْ لِلْحِمَى وَانْبُتْ نَبَاتاً صَالِحاً

وَانْبُغْ وَكُنْ زَيْنَ العُلَى وَالسُّؤْدَدِ