قل للرئيس إذا مررت بسجنه

قُلْ لِلرَّئِيسِ إِذَا مَرَرْتَ بِسِجْنِهِ

إِنَّ السُّجونَ مَعاهِدُ الأَحْرارِ

وَافَيْتَهُ طَوْعاً وَرَأُيكَ ثَابِتٌ

أَنَّ اعْتِقَالَكَ مُطْلَقُ الأَفْكَارِ

إِنْ يَحْجِبُوكَ فَإِنَّ فِكْرَكَ رافِعٌ

نُوراً تُضَاءُ بِهِ سَبِيلُ السَّارِي

كَمْ تَحْجُبُ الظُّلمَاتُ طَوْداً شَامِخَاً

فَيَلُوحُ فَوْقَ ذُراهُ ضَوْءُ مَنَارِ

إِنَّا لَنَسْمَعُ مِنْ سُكُوتِكَ حِكْمَةً

وَنَرَى هُدىً فِي وَجْهِكَ المُتَوارِي

وَإِذَا النُّفوسُ تَجَرَّدَتْ لِمَرَامِهَا

غَنِيتْ عَنِ الأَسْمَاعِ وَالأَبْصَارِ

حَاشَاك أَنْ تَأْسَى وَهَلْ نَأْسَي عَلَى

عِلْمٍ بِأَنَّ التَّم بَعْدَ سِرَارِ

أَلأَنْبِياءُ انْتَابَهُمْ زَمَنٌ بِهِ

لَزِمُوا التَّفرُّدَ عَنْ رِضىً وَخِيَارِ

لَجَأُوا إِلى الْخَلَوَاتِ وَاحْتَبَسُوا بِهَا

شَظِفي المَعَايِشِ لاَبِسِي الأَطْمَارِ

مُسْتَجْمِعِينَ مُرَوِّضِينَ قُلُوبَهُمْ

لِقِيَامِ دَعْوَتِهِمْ عَلَى الأَخْطَارِ

وَمِنَ الغِيَابَاتِ الَّتي أَمْسُوا بِهَا

بَعَثُوا الْهُدَى كَالشَّمْسِ فِي الإِزْهَارِ

سَلْ مُوحِشاً فِي طُورِسيِنَا سَامِعاً

كَلِمَ المُهَيْمِنِ فِي اصْطِعَاقِ النَّارِ

سَلْ طَيْفَ جُلْجُلَةٍ وَقَدْ تَرَكَ الطَّوَى

مِنْهُ ضِيَاءً فِي بَيَاضِ إِزَارِ

سَلْ خَالِياً بِحَرَى يُلَبِّي رَبَّهُ

فِي الغَارِ عَمَّا نَابَهُ فِي الغَارِ

بِالْعُزْلَةِ اكْتَمَلُوا وَرُبُّ مُرَوِّضٍ

لِلنَّفسِ حَرَّرَهَا بِالاسْتئْسَارِ

لاَ شَيءَ أَبْلَغَ بِالدُّعَاة إِلى المُنَى

مِنْ أَنْ تمَحِّصهُمْ يَدُ الْمِقْدَارِ