كانوا ثمانية من الندماء

كَانُوا ثَمَانِيَةٌ مِنَ النُّدَمَاءِ

مُتَآلِفِينَ كَأَحْسَنِ الرُّفَقَاءِ

فِي مَجْلِسٍ حَجَبَ الشَّبَابُ بِأَمْرِهِمْ

أَبْوَابَهُ إِلاَّ عَلَى السَّرَّاءِ

مُتُحَدِّثينَ وَلاَ يَطِيبُ لِمِثْلِهِمْ

إِلاَّ حَدِيثُ الحُسْنِ وَالحَسْنَاءِ

حَتَّى إِذَا اعْتَكَرَ الظَّلامُ وَمُزِّقَتْ

أَحْشَاؤُهُ فَدَمِينَ بِالأَضْوَاءِ

وَتَثَاقَلَتْ أَشْبَاهُهمْ وتَخَفَّفتْ

أَرْوَاحُهُمْ مِنْ نَشْوَةِ الصَّهبَاءِ

أَصْغُوْا لِقَوْلِ فَتىً جَرِيءٍ مِنْهُمُ

غَضِّ الشَّبيبَةِ جَامِحِ الأَهْوَاءِ

يَا أَيُهَا الإِخْوَانُ أَسْمَعُ نِسْوَةً

بِجِوَارِنَا فِي حَفْلَةٍ وَغِنَاءِ

فَهَلُمَّ نَحْتَلْ حِيلَةً فَيَجِئْنَنَا

لاَ خَيْرَ فِي أُنْسِ بِغَيْرِ نِسَاءِ

قَالُوا فَما هِيَ قَالَ أَرْقُدُ مُوهِماً

أَنِّي قَضَيْتُ مُعَاجَلاً بِقَضَاءِ

فَإذَا انْتَحَبْتُمْ جِئْنَكُمُ فَبَرَزْتُ مِنْ

كَفَنِي وَفُزْنَا بِاجْتِمَاعِ صَفَاءِ

فَنَعَاهُ نَاعٍ رَاعَهُنَّ فَجِئْنَ فِي

هَرَجٍ لِتَوْدِيعِ الفَقِيدِ النَّائِي

وَبَكَيْنَهُ حَتَّى إِذا أَدْرَكْنَ مَا

كَادُوا لَهُنَّ وَثَبْنَ وَثْبَ ظِبَاءِ

يَضحَكْنَ أَشْبَاهَ الشُّمُوسِ تَأَلَّقَتْ

عَقِبَ الحَيَا وَضَّاءَةَ الَّلأْلاَءِ

وَحَفَلنْ حَوْلَ سَرِيرِهِ يَنْهَرْنَهُ

لَكِنْ أحَطْنَ بِصَخْرَةٍ صَمَّاءِ

فَرَفَعْنَ عَنْهُ غَطَاءَهُ فَوَجَدْنَهُ

بِالمَيْتِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالأَحْيَاءِ

عَالَجْنَهُ جُهْدَ العِلاَجِ وَلَمْ يَكُنْ

شَيْءٌ لِيُوقِظَهُ مِنَ الإِغْمَاءِ

حَتَّى إِذَا دُعِيَ الطَّبيبُ فَجَاءَهُمْ

رَاعَ القُلُوبَ بِنَفْيَ كُلِّ رَجَاءِ

فَتَبَدَّلَتْ أَفْرَاحُهُمْ فِي لَحْظَةٍ

بِمَنَاحَةٍ وَسُرُورُهُمْ بِبُكَاءِ

وَأَبَاتَهُمْ هَذَا المِزَاحُ مِنَ الرَّدَى

فِي شَرِّ مَا يُبْكِي مِنَ الأَرْزَاءِ

لُوْ عَاشَ صَاحِبُهُمْ لَعَاشَ رَهِينَةً

مِنْ بَعْدِهَا لِلهَجْعَةِ السَّوْدَاءِ

وَكَذَا الْحَقِيقَةُ جِدُّهَا وَمِزَاحُهَا

سِيَّانِ في الإِشْقَاءِ وَالإِفْنَاءِ