لقيتك مصر بثغرها المتبسم

لَقِيَتْكَ مِصْرُ بِثَغْرِهَا المُتَبَسِّمِ

وَتَنَوَّرَتْ بِضِيَائِكِ المُتَوَسَّمِ

وَجَرَى عَلَى مُتَلَهِّيٍ مِنْ جُرْحِهَا

شَافِي نَدَاكَ فَكَانَ أَلْطَفَ بَلْسَمِ

لَمْ تَقْتَضِيهَا زِينَةً فَازّيَنَتْ

بِخُلُوصِهَا فِي وُدِّهَا المُتَكَتَّمِ

والله يَعْلَمُ مَا حَزَازَةُ مُكْرَهٍ

سِيمَ الريَاءَ وَمَا مَرَارَةَ مُرْغَمِ

للهِ مَوْكِبُكِ السَّنِيُ وَحَوْلَهُ

شَعْبٌ إِذَا فَدَّاكَ لَمْ يَتَكَلَّمِ

مِلَلٌ تُحِيطُ بِهِ وَقَدْرُكِ وَاحِدٌ

فِي نَفْسِ نَصْرَانِيهَا وَالمُسْلِمِ

لَكِ هَامُهَا تَعْنُو وَجَاهُكَ فَوْقَهَا

تَاجٌ يُشِيرُ إِلَيْهِ كُلُّ مُسَلِّمِ

أَهلاً بِأُم المُحْسِنِينَ وَمَرْحَباً

بِالطُّهْرِ يَبْرُزُ فِي المِثَالِ الأَوْسَمِ

مَا الرَّوْضُ فِي اسْتِقْبَالِهِ شَمْسَ الضُّحَى

تَفْتَرُّ بَعْدَ العَارِضِ المُتَجَهِّمِ

بِأَتَمَّ حُسْناً مِنْ وِضَاءِ أُسْرَةٍ

يَبْرُقْنَ فِي اسْتِقْبَالِ وَجْهِ المُنْعِمِ

أَقْبَلْتَ إِقْبَالَ الزَّمَانِ وَكُلُّهُ

غُرَرٌ تَسُرُّ عَوْدَ المَوْسِمِ

فَرَأَيْتِ مِنْ صِدْقِ التَّجِلَّةِ خَيْرَ مَا

يُهْدَى إِلَى ذَاكَ المَقَامِ الأَعْظَمِ

وَسَمِعْتِ صَوْتَ الحَقِّ مِنْ مُتَرَنِّمٍ

إِلاَّ بِوَحِيِ الصِّدْقِ لَمْ يَتَرَنَّمِ

سِيَّانَ مَبْدُؤُهُ وَآخِرُ عَهْدِهِ

فِي رَعْيهِ لِذِمَامِهِ المُتَقَدمِ

وَالعَصْرُ قَدْ يَجِدُ التَّحَوُّلُ فِطْنَةً

وَيَرَى الحِفَاظَ لُزُومَ مَا لَمْ يَلْزَمِ

دَهْرٌ أَذمَّ لأَهْلِهِ وَمَلأْتِهِ

بِالمَحْمَدَاتِ فَعَادَ غَيْرُ مُذَمَّمِ

لا بِدْعَ إِنْ كَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْكِ فِي

لَفْظِ اللسَانِ وَفِي مِدَادِ المِرْقَمِ

فَنَدَاكَ يَجْرِي فِي اليَرَاعَةِ نَافِثاً

مِنْ سِحْرِهِ وَسَدَاكِ يَنْطُقُ فِي الفَمِ

مَاذَا أُعَدِّدُ مِنْ مَآثِرِكِ الَّتِي

هِيَ بِالتَّعَدُّدِ وَالسَّنَى كَالأَنْجُمِ

لَوْ حُصِّلَتْ أَسْمَاؤُهَا لاسْتَنْفَدَتْ

دُرَّ المُحِيطِ وَمُفْرَدَاتِ المُعْجَمِ

كَمْ مِنْ يَدٍ لَكِ قَدْ أَقَالَتْ عَثْرَةً

مِنْ حَيْثُ لَمْ تُظْنَنْ يَدٌ أَوْ تُعْلَمِ

كَمْ مِنَّةٍ لَكِ عَوَّضَتْ مِنْ ضَيْعَةٍ

مُجْتَاحَةٍ أَوْ مَنْزِلٍ مُتَهدمِ

كَمْ يَمَّمَتْ هِبَةٌ كَرِيماً مُوحَشاً

فِي دَارِهِ وَذَرَاهُ غَيرُ مُيَمَّمِ

كَمْ مِنْ يَتِيمٍ أَنْقَذَتْهُ مَبَرَّةٌ

لَكِ مِنْ تَعَاسَتِهِ وَكَمْ مِنْ أَيِّمِ

كَمْ فِي الشُّيُوخِ وَفِي الشَّبَابِ مُرُةءةٌ

صَوَّرَتْهَا فِي اللَّحْمِ مِنْهُمْ وَالدَّمِ

كَمْ مِنْحَةٍ بَعَثَتْ بِمِصْرَ صِنَاعَةً

لَمْ يُبْقِ مِنْهَا الدَّهْرُ غَيْرَ الأَرْسُمِ

كَمْ مَعْهَدٍ لِلْعِلمِ فِي أَرْجَائِهَا

جَدَّدْتِ دَارِسَهُ وَكَمْ مِنْ مَعْلِمِ

هَيْهَاتَ يَنْسَى قَوْمُكِ الأَبْرَارُ مَا

أَولَيْتِهِمْ مِنْ خَالِدَاتِ الأَنْعُمِ

فَهَوَى سَرَائِرِهِمْ هَوضاكِ وَنَيْلُهُمْ

أَدْنَى رِضَاكِ يُعَد أَسْنَى مَغْنَمِ

مَا دُمْتِ سَالِمَةً فَمِصْرُ وَأَهْلُهَا

فِي نِعْمَةٍ وَفَرَتْ فَدُومِي وَاسْلَمِي