مات الرئيس فسار كل مسيرة

مَاتَ الرَّئِيس فَصَارَ كُلَّ مَسِيرَةٍ

ذَاكَ النَّعيَّ وَطَارَ كُلّ مَطَارِ

مَاتَ العِصَامِيُّ العِظَاميُّ الَّذِي

مَا كَانَ بِالْعَاتِي وَلا الْجَبَّارِ

مَاتَ الذِي مَارَى سِوَاهُ فِي الْهَوَى

يَوْمَ الْحِفَاظِ وَعَاشَ غَيْرِ مُمَارِ

أَقْرِرْ مَقَامَكَ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّه

لَنَتِيجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الإِقْرَارِ

فَإِذَا سَمَوْتَ بِهِ تَقَلَّدَ أَنْجُماً

وَإِذَا دَنَوْتَ بِهِ اكْتَسَى بِغُبَارِ

وَإِذَا غَنِيتَ بِهِ تَفَكَّه بِالْعُلاَ

وَإِذَا افْتَقَرْتَ بِهِ اكْتَفَى بِقَفَارِ

وَأَعَزُّ مَا تَقْضِي لِنَفْسِكَ حَاصِلٌ

لَكَ إِنْ تُؤَدِّ الحَقَّ بالمِعْيارِ

أَلْوَاجِبَاتُ أَسًىً وَشَقُّ مَرَائِرٍ

لكِنَّ فِيهَا الشُّهدَ لِلْمُشْتَارِ

غَيْرُ الزَّمُوعِ يَهُبُّ مُضْطَلِعاً بِمَا

تُوحِي وَغَيْرُ الأَضْرَعِ الْثَّرْثَارِ

للَّهِ مَجْدُ الذَّائِقِينَ عَذَابَهَا

وَوَقَارُ مَنْ نَهَكَتْهُ بِالأَوْقَارِ

أَيُّ الفَخَارِ فَخَارُ مَنْ قَحَمَ الشَّرَى

فَحَمَى الْحَقِيقَةَ وَالْخُطُوبُ ضَوَارِ

سَيْفُ القَضَاءِ وَقَدْ أَصَابَ مُحَمَّداً

نَالَ الْوَفَاءَ بِحَدِّهِ البَتَّارِ

أَعَمَايَةٌ لاَ لاَ وَلِكنْ حِكْمَةٌ

ثَبُتَتْ بِمُتَّصلٍ مِنَ التَّكرَارِ

يَدْعُو الشَّهيدُ الأَلْفَ مِنْ أَمْثَالِهِ

وَبِهِمْ يَتِمُّ تَقَلُّبُ الأَطْوَارِ

يَا أَيًّها الْقَتْلى سَقَى أَجْدَاثَكُمْ

فَضْلُ المُثِيبِ وَرَحْمَةُ الغَفَّارِ

إِنَّا لَنَبْكِي كُلَّ ثَاوٍ هَامِدٍ

مِنْكُمْ بِأَكْبَادٍ عَلَيْهِ حِرَارِ

أَلْعَرْشُ عَرْشُ الْحَقِّ يَزكُو حَالِياً

بِدَمٍ عَلَيْهِ لِلشَّهادَةِ جَارِي

وَالأَرْضُ إِذْ تُسْقَى نَجِيعَ بَرَاءَةٍ

تُزْهَى وَيَأْخُذُهَا اهْتِزَازُ خُمَارِ

زَهْوَ العَرُوسِ غَلاَ نِظَامُ حُلِيِّها

وَتَبَرَّجَتْ طُرُقَاتُهَا بِنِثَارِ

أَعْزِزْ بِأَنْفسِكْم فَمَا هِيَ أَنْفسٌ

مَسْفوكَةٌ فِي التّربِ سَفْكَ جُبَارِ

فِي كُلِّ مَوْقِعِ مُهْجَةٍ مِنْكُمْ جَرَتْ

أَزْكَى وَأَخْصَبُ مَوِقْعٍ لِبَذَارِ

إِنَّا لَنَعْرِفُ قَدْرَهَا وَهْيَ الَّتِي

جَعَلَتْ لَنَا قَدْراً مِنَ الأَقْدَارِ

وَنُجِلُّهَا أَبَداً بِذِكْرَى أَنَها

صَانَتْ حَقِيقَتنا مِنَ الإِحْقارِ

زَادَتْ جَمَالَ النيلِ فِي أَبْصَارِنا

وَحُلى النخِيعِ وَبَهْجَةَ النوَّارِ

وَسَرَى إِلى الأَرْوَاحِ مِن أَرْوَاحِهَا

عَبَقٌ ذَكا كَتَارُّجِ الأَزْهَارِ

وَكَأَنَّها بِلطَافَة عُلْويَّةٍ

زَانَتْ لَنَا مُتَفَيَّأ الأَشْجَارِ