ما كان ريب قبل ريب الحمام

مَا كَانَ رَيْبُ قَبْلَ رَيْبِ الحِمَامْ

بِبَالِغٍ عَلْيَاءَ ذَاكَ المَقَامُ

شَمْسٌ تَوَارَتْ بِحِجَابٍ فَيَا

لَلْغُبْنِ أَنْ تُمْسِيَ بَعْضَ الرَّغَامْ

مَنْ آيَةِ النُّورِ وَلأْلاَتِهَا

يَا أَسَفَاً أَنْ دَالَ هَذَا الظَّلامْ

هَلْ عِظَةٌ أَوْفَى بَلاغاً لِمَنْ

يَحْسَبُ دَارَ الحَرْبِ دَارَ السَّلامِ

يَا مَنْ بَكَاهَا عَارِفُو فَضْلِهَا

بِمُقَلٍ سَالتْ مَسِيلَ الغَمَامْ

فِي ذِمَّةِ اللهِ كَمَالُ التُّقَى

وَعِفَّة النَّفْسِ وَرَعْيِ الذِّمَامْ

حَسْبُكَ فَوْقَ المُلْكِ جَاهاً عَلَى

جَاهِكِ إِنْجَابُكِ أَسْرَى هُمَامْ

فَتًى سَجَايَاهُ وَأَخْلاقُهُ

قَدَّمنْهُ فِي الأُمَرَاءِ العِظَامْ

مَا زَالَ يَلْقَى دَهْرَهُ عَالِماً

وَإِنْ تَغَافَى أَنَّهُ لا يَنَامْ

حَلاوَةُ الوِجْدَانِ لم تُنْسِهِ

مَرَارَةَ الحِرْمَانِ مُنْذُ الْفِطَامْ

لا يَمْنَحُ الْعِيشَةَ مِن بَالِهِ

إِنْ يَدْنُ فِيهَا الْهَمُّ أَدْنَى اهْتِمَامْ

فِيهِ وَفِيمَا حَوْلَهُ لا تُرَى

إِلاَّ حُلىً نُزِّهْنَ عَنْ كُلِّ ذَامْ

بَرَّ بِكِ جَمِيعاً فَمَا

أَجْدَى وَلَكِنْ رُبَّ دَاءٍ عُقَامْ

وَهَلْ كَحُبِّ الأُمِّ دَيْنٌ بِهِ

دَانَ عَلَى الدَّهْرِ الْبَنُونَ الْكِرَامْ

حُبٌّ كَضَوْءِ الصبْحِ فِيهِ الهُدى

وَفِيهِ رِيٌّ كَالنَّدَى لِلأُوَامْ

فَبُورِكتْ أُمٌّ رَؤُومٌ مَضَتْ

وَبُورِكَ ابْنٌ عَبْقَرِيٌّ أَقَامْ

تَنَاهَتْ الرِّقَّةُ فِيهِ عَلَى

مَا فِيهِ مِنْ بَأْسٍ وَصِدْقِ اعْتِزَامْ

وَمِثْلُهَا يُدْهِشُ فِي صَائِدٍ

لُلأُسْدِ مِنْ كُلِّ حِمىً لا يُرَامْ

طَرَّاقِ أَدْغَالٍ عَلَيْهَا وَمَا

تُنْكِرُ مِنْ شَيْءٍ كَذَاكَ اللِّمَامْ

يَلُوحُ فَالأَشْبَالُ وَثَّابَةٌ

وَالذُّعْرُ قَيْدٌ لِلسِّبَاعِ الضِّخَامْ

كَوَاشِرُ الأَنْيَابِ مَا رَاعَهَا

إِلاَّ ثَنَايَا طَالِعٍ ذِي ابْتِسَامْ

يُضْحِكُهُ مِنْ طَرَبٍ جَأْرُهَا

وَرُبَّمَا أَبْكَاهُ سَجَعُ الحَمَامْ

ضِدَّانِ مِنْ لِينٍ وَمِنْ جَفْوَةٍ

لم يَصْحَبَا فِي المَرْءِ إِلاَ التَّمَامْ

وَيَعْدُ هَلْ أَذْكُرُ مَا صَاغَهُ

يُوسُفُ مِنْ آيِ الْعُلَى فِي نِظَامْ

هَلْ أَذْكُرُ النَّجْدَةَ إِنْ يَدْعُهُ

مُسْتَضْعَفٌ أو يَرْجُهُ مُسْتَضَامْ

هَلْ أَذْكُرُ الْهِمَّةَ وَهْيَ الَّتِي

تبْلِغُهُ فِي المَجْدِ أَقْصَى مَرَامْ

هَلْ أَذْكُرُ الْبَذْلَ لِرَفْعِ الحِمَى

عِلْماً وَفَنّاً أو لِنَفْعِ الأَنَامْ

هَلْ أَذْكُرُ الْحُبَّ لأَوْطَانِهِ

وَفِيهِ كَمْ صَرْحاً مَشِيداً أَقَامْ

يَا سَيِّداً فِي كُلِّ بِرٍّ لَهُ

بِيضُ الأَيَادِي وَالمَسَاعِي الْجِسَامْ

رَأْيُكَ فَوْقَ التَّعْزِيَاتِ الَّتِي

تُقالُ مَهْمَا يَسْمُ وَحْيُ الْكَلامْ

إِنَّ الَّتِي تَبْكِي لَفِي جَنَّةٍ

مَوْرِدُهَا فِيهَا نَعِيمُ الدَّوَامْ