مجد تسلسل كابرا على كابر

مَجْدٌ تَسَلْسَل كَابِراً عَنْ كَابِرٍ

يَعتَزْ غَابِرُ شَأْنهِ بِالحَاضِرِ

وَعَشِيرَةٌ لوْ أُحْصِيَتْ بِكِرَامِهَا

كَانَتْ وَلا غَلْوَاءَ جَمْعَ عشَائِرِ

كَم أَنْجَبَتْ لِلْمَحْمَدَاتِ وَلِلنُّهَى

مِنْ شُمِّ أَعْلامٍ وَغرِّ مَنَائِرِ

مَرَّتْ بِهَا الأَحْقَابُ وَالأَسْبَابُ لمْ

تَنْبَتَّ بَيْنَ أَوَائِلٍ وَأَوَاخِرِ

أَمَّا فُؤَادُ فَهْوَ زَيْنُ شَبَابِهَا

وَفخَارِهَا فِي وَجْهِ كُلِّ مَفَاخِرِ

مِنَ قادَةِ الرَّأْي الأُولى بِنُبُوغِهِمْ

فَتَحُو لِمِصْرَ فُتُوحَ عَهْدٍ زَاهِرِ

الجَاعِلِينَ الْقَصْدَ مِنْهاجاً لَهُمْ

وَالصَّادِقِينَ عَنِ الطَّرِيقِ الْجَائِرِ

رَجُلٌ شَأَى إِقْرَانَهُ بِمَنَاقِبَ

فِي النَّابِهِينَ مِنَ الرِّجَالِ نَوَادِرِ

ذُو نَظْرَةٍ طَمَّاحَةٍ وَشُجَاعَةٍ

تَرْتَاضُ بَيْنَ مَصَاعِبَ وَمَخَاطِرِ

مَعَهَا إِذَا عَبَسَ الزَّمَانُ بَشَاشَةٌ

وَبِهَا إِلى الأَحْدَاثِ لَفْتَةُ سَاخِرِ

إِنْ تدْعُ دَاعِيَةُ المُرُوءَة تَلْقَهُ

ذَا جَانِبٍ وَافَى المُرُوءَةَ وافِرِ

مَا اسْطَاعَ يَذْخُرُ لِلبِلاد مَنَافِعاً

وَلمَا يرُدُّ عَلَيْه لَيْسَ بِذَاخِرِ

الحَزْمُ فِي تَقْديرِه وَالعَزمُ فِي

تَدْبِيرِهِ يَمْضِي مَضَاءَ البَاتِرِ

أَضْحَتْ إِدَارَتُهُ لِمَا يَعْنِي بِه

مَثَلاً يُرَدَّدُ فِي الحَديثِ السَّائِرِ

يَعْطِي الْجَلائِلَ وَالدَّقَائِقَ حَقَّهَا

مِنَ جَهْدهِ الْمُتَلاحِقِ الْمُتَظَاهِرِ

سَيَّانَ فِيه بَيَاضُ صُبْحٍ تَغْتَدي

طَلْبَاتُهُ وَسَوَادُ لَيْلٍ سَاهِرِ

عَجَبٌ إِحَاطَتُهُ بِكُلِّ مُهِمَّةٍ

وُكِلتْ إِلى ذَاكَ الذَّكَاءِ الْبَاهِرِ

لا عَيْنُه تَسْهُو وَلا تُخْفَى عَلى

ذَاكَ الضَّمِيرِ مُخبآتُ ضَمَائِرِ

أَعْمَالُهُ شَتَّى يَسُوسُ أُمُورَهَا

لَبِقاً وَلا يَلْفِي شَتِيتَ الْخَاطِرِ

صَافِي البَدَاهَةِ مَا تَرَاهُ وَاقِفاً

فِي أَزْمةٍ تَشْتَّدُ وَقْفَةَ حَائِرِ

لا يَسْتَقِرُّ نِطَاقُ دَائِرَةٍ بِه

حَتَّى تَهَادَاهُ عدَادُ دَوَائِرِ

فَتَرَاهُ بَيْنَ مَزَارعَ وَمَصَانعَ

شَبْهَ النِّظَامِ لَعِقْدهَا المُتَنَاثِرِ

يَهْدي الأُولى يَبْنونَ نَهْضةَ قَوْمهِ

وَهْوَ الْمُعَلِّمُ فِي مِثَالِ التَّاجِرِ

حَسبَ المَعَارِضُ أَنْ تَكُونَ مَدَارِساً

بِالجَمْعِ بَينَ مَنَافع وَمَفَاخِرِ

هَلْ كَالتَّعَارُفِ ضَابِطٌ وَمُؤَلَّفٌ

لِلْعُنْصُرِ المُتَنَاكِرِ المُتَدَابِرِ

وَمُبْصِر لِلناسِ فِي أَرْزَاقِهِمْ

بِمَوَارِدٍ تُجْلى لَهُمْ وَمَصَادِرِ

لا حُبَّ يَعْدِلُ حُبَّهُ أَوْطَانهِ

فِي بَاطِنٍ مِنْ أَمْرِه أَو ظَاهِرِ

حَقِّقْ مَرَامِيَهُ الكَثِيرَةَ لا تَجِدْ

فِيهَا سِوَى الغرَض النَّزِيهِ الطَّاهِرِ

يَبْغِي الْعَزِيزَ مِنَ الْمُنى لِبِلاده

بِرَجَاءِ مُعْتصِمٍ وَيَأْسِ مُغَامِرِ

وَلقد يَجُوبُ الأَرْض لَيْسَ مُبَالِياً

فِي غَامِرٍ تَجْوَابُهُ أَوَّ عَامِرِ

فَإِذَا مَرَاكِبُهَا الْعِجَالُ اسْتُبْطِئَتْ

كَانَتْ مَطِيَّتُهُ جِنَاحَ الطَّائِرِ

مَاذَا أُعَدِّدُ مِنْ مَنَاقِبَ جَمَّةٍ

تَسْمُو حَقِيقَتُهَا خَيَالَ الشَّاعِرِ

شِيَمٌ أُتِيحَ لَهَا لِتَبْلُغَ تَمَّهَا

مِنْ أَحْصَفِ الأُمَرَاءِ أَشْرَفُ نَاصِرِ

عُمْرُ الَّذي أَعْيَا الْحِسَابَ فَلَمْ يَسَعْ

تَعْدادَ آثارٍ لهُ وَمَآثِرِ

قِيلٌ يُدَوِّي الشَّرْقُ فِي تَمْدَاحٍه

بِصَرِيرِ أَقْلامٍ وَجَهْرِ مَنَابِرِ

فِي كُلِّ مَحْمِدَةٍ وَكُلِّ مَبَرَّةٍ

أَجْرَى هَوَاهُ إِلى مَدَاهُ الآخِرِ

فَاهْنَأْ فُؤَادُ بِعَطْفهِ وَبِلُطْفِ مَا

أُوتيتَ مِنْ نِعَمِ المَلِيكِ الْقَادِرِ

أَوْلاكَ أَسْنى رُتْبَةً يَبْلُو بِهَا

مَعْنَى الإِثَابَةَ فِي طِرَازٍ فَاخِرِ

بِالْحَقِّ أَهْدَاهَا وَضَاعَفَ فَضْلَهُ

إِنْ كَانَ مَشْكُوراً بِصُورَة شَاكِرِ