مصابك حيا عرا جعفرا

مُصَابُك حَيّاً عَرَا جَعْفَرَا

وَخَطْبُكَ مَيْتاً عَرَا قَيْصَرَا

رُزِئْنَاكَ لَمْ يُغْنِ مِنْك البَيَا

نُ وَلَمْ يَعْصِمِ الجَاهُ أَنْ تُقْبَرَا

وَهَذي النِّهايَةُ عُقْبَى النُّهَى

وَذَاكَ الثَّرَاءُ لِهذَا الثَّرَى

وغَايَةُ مَجْدك فِي العَالَمِينَ

إِذَا عَرَفُوا الفَضْلَ أَنْ تُشْكَرَا

وَآخِرُ بَأْسِكَ أَنْ يُعتَدَى

عَلَيْكَ دَفِيناً وَأَنْ يُفْتَرَى

أَيُهْتَكُ عَنْهَا قَمِيصُ المُرُو

ءَة تَحْتَ البِلَى مَنْع أَنْ تُسْتَرَا

وَتَثْوِي المُرُوءَةُ فِي دَارِهِمْ

وَتَرْضَى المُرُوءَةُ أَن تُذْكَرَا

كَذَا انْكَشَفَ الدهْرُ لِلنَّاسِ فِيكَ

عنْ قَاهِرٍ عَزَّ أَنْ يُقْهرَا

حَلِيمٍ تِرَاكاً بِإِقْبَالهٍ

ضَرُوبٍ دِرَاكاً مَتَى أَدْبَرَا

لأَمْرٍ صَفَا لَكَ حِينَ صَفَا

وكَدَّرَ وِرْدكَ إِذْ كُدِّرَا

يَقُولُ بِأَحدَاثهِ الواعِظا

تِ لِمَنْ هَمَّ بِالزَّهْوِ أَطْرِقْ كَرَى

حَبَاكَ زَمَاناً بِجَاهِ المُلُو

كِ وَبَطْشِ الأَسَاطِينِ مُسْتوْزَرَا

وَفَخْرِ الغُزَاةِ قُرُومِ السَّرا

يَا وَفِكْرِ الهُدَاةِ نُجُومِ السُّرى

وَعَزْمٍ يَكُونُ عَلَى أُمَّةٍ

قتَاماً وَفِي أُمَّة نَيِّرَا

فكُنْتَ كَمَا تَبْتغِي عِزَّةً

وَكُنْتَ كَمَا تَرْتَضِي مَظْهَرَا

وَكُنْتَ مَعاً فَارِساً شَاعِراً

وَكُنْتَ مَعاً نَدُساً قسْوَرَا

جَمِيعَ المَزَايَا فَمَا لِلبَيَا

نِ وَمَا لِلغيَاثِ وَمَا لِلقِرَى

نَظِيرُكَ مُبْتَكِراً مُبْدعاً

شِهَاباً سَنِيّاً نَدىً مُمْطِرَا

نَظمْتَ المَعَالِيَ نَظْمَ المَعَانِي

فَفَتْحُ الكَلاَمِ كفَتْحِ القُرَى

وَطَعْنُ السِّنانِ كَنَفْثِ اليَرَاعِ

وَكُلُّهُمَا بِالنُّهى حُبِّرَا

وَضَمُّ الجُيُوشِ كَنَسْقِ القَرِيضِ

وَتَقْسِيمه أَشْطُراً أَشْطُرَا

وَسَهْلُ القِتَالِ كَطِرْسٍ بِه

يُسَطِّرُ بَأْسُكَ مَا سَطَّرَا

بِنَقْطِ الجَمَاجِمِ إِعْجَامُهُ

وَإِهْمَالُهُ جَوْبُهُ مُقْفِرَا

وَتَفْوِيفُهُ بِنِعَالِ الجِيَا

دِ وَتَدْبِيجُه بِدَمٍ أَحْمَرَا

فَيَا غَازِياً ذَاكَ إِعْجَازُهُ

وَيَا نَاظِماً ذَاك مَا صَوَّرَا

أَتِلْكَ مِنَ الكَلِمِ الذَّاكِيَا

تِ تَسِيلُ النُّفوسُ بِهَا أَنْهُرَا

شَقَائِقُ آيَاتِكَ النَّادِيَا

تِ رَحِيقاً مِنَ الأُُنسِ أَوْ كوْثَرا

أَمِ الصافِياتِ شَوافِي الأُوَا

مِ بِمَا تَحْتَها مِنْ زلاَلٍ جَرى

أَمِ الجَالِيَاتِ يُبِنَّ لَنَا

مِنَ الغَيْبِ كُلَّ ضَمِيرٍ سَرَى

أَمِ المُطْرِبَاتِ يُشَنِّفنَنَا

بِشَدْوِ الهَزَارِ وَقَدْ بَكَّرَا

أَمِ المَرْسَلاَتِ هُدىً لِلأَنَا

مِ حَقائِقُ مُودَعَةٌ جَوْهَرَا

فَهَلْ كَانَ أَفْرَسَ مِنْكَ فَتىً

وَهَلْ كَانَ مِنْكَ فَتىً أَشْعَرا

كِلا المفْخَرَيْنِ يَرَاعاً وَسَيْفاً

دَعَا تاجَهُ لَكَ مُسْتَأْثِرَا

فَتَاجٌ عَصَاكَ وَتاجٌ عَلاَ

كَ وَكانَ الأَحَقَّ بِأَنْ يُؤْثَرَا

فَلمَّا رَقِيتَ إِلى المُنْتَهَى

وكِدْتَ تُجَاوِزُ مَا قُدِّرَا

رَمَاكَ الزَّمَانُ بِأَحْدَاثه

مُجَيَّشةً فَانْبَرَتْ وَانْبَرَى

أَبَانَ المُحِبِّينَ وَالآلَ عَنْكَ

وَأَقْصَى المَوَالِي وَالعَسْكَرَا

وَأَسْكَتَ أَفْراسَكَ الصَّاهِلاَتِ

وَأَصْمَتَ صَمْصَامَكَ الأَبْتَرَا

وَأَخْرَسَ مَنْ قَالَ لِلّه أَنْتَ

وَأَبْكَمَ حَوْلَكَ مَنْ كَبَّرَا

وسَكَّن رَوْعَ الفَلاَ مَجْفِلاَتٍ

وَأَمَّن شَامِخَهَا أَصْعَرَا

وَنَفَّس كرْبَ الظِّبا لاَفِتَاتٍ

وَرَوَّحَ أَيِّلهَا أَصْوَرَا

وَأَلْوَى عَليْك فَأَدْمَى وَأَصلَى

وَصالَ وطالَ وَمَا أَقْصَرَا

رَمَى بِك في السِّجنِ مِنْ حَالِقٍ

أَلِيفَ الجُنَاةِ طَرِيحَ العَرَا

وَأَثْخنَ جُرْحاً فَأَقْصَاكَ عَنْ

ثَرَى مِصرَ مُجْتَنَباً مُزْدَرَى

وَزادكَ ضَيْماً فَحَجبَ عَنْ

عُيُوِنكَ ضَوْءِ الضُّحى مُسْفِرَا

وَجَازَ النَّكالَ فَأَرْدَى ابنتَيْكَ

كمَا يُذْبَحُ الذِّبْحُ أَوْ أَنْكَرَا

وَلَكِنْ أَبَى لَك ذَاكَ الإِبَا

ءُ إِلاَّ الثَّباتَ وَأَنْ تَصْبِرَا

وَهَلْ فِي الأَسى غَيْرُ صَدْعِ الحَشى

وَتَدميَةِ الجَفْنِ مُسْتَعْبِرَا

وَتهْوِينِ نَفْسٍ لَدَى خَصْمِهَا

بِلاَ طَائِلٍ غيْرَ أَن تَصْغُرَا

فَلَمْ تَنْتَقِصْكَ الرَّزَايَا وَلَكِنْ

أَعادَتْكَ مِحْنَتُهَا أَكْبَرَا

وَرَدَّ بَيَاضُ المَشِيبِ ثَنَا

ءَكَ أَجْلَى بَهَاءً وَقَدْ طُهِّرَا

فَمَا كَان سِجْنُكَ إِلاَّ قَرَاراً

وَقَدْ تعِبَ الجِدُّ أَنْ يَسْهَرَا

وَلاَ النَّفيُ إِلاَّ خَلاَءً أَعَدْتَ

بِه زَمَنَ الأَدَبِ الأَزْهَرا

وَلاَ الثُّكلُ إِلاَّ لِتَأْسَى أَسَا

كَ وَتَبْكِي بُكَاءَ لُيُوثِ الشَّرى

وَلاَ الغَضُّ عَمَّا تَرَاهُ العُيُو

نُ إِلاَّ وَقَدْ سَاءَ أَنْ يُنْظَرَا

إِذَا وَسِع الكَوْنَ فِكْرُ امْرِيءٍ

فَلاَ بأْسَ بِالطَّرْفِ أَنْ يُحْسرَا

عَلَى الشمْسِ أَنْ تهْديَ المُبصِرِينَ

وَلَيْسَ عَلَى الشَّمسِ أَنْ تُبْصِرَا

فَيَا جِسْمَ مَحْمُودَ بِتْ في سُكُونٍ

وَيَا عَيْنَ سَامٍ اهْنَيءِ بِالْكرَى

وَيَا فِكْرَهُ كمْ نَشَدْتَ العُلَى

بَلَغْتَ مَدَاهَا فَمَاذَا تَرَى

أَطِلَّ عَلَى هَذِهِ الكَائِنَا

تِ مِنْ حَيْثُ أَنْتَ بِأَسْمَى الذُّرَى

أَتَنْظرُ غيْرَ فضَاءٍ رَحِيبٍ

تُحَاكِي النُّجومُ بِه العِثْيَرَا

وتَسْمَعُ غيْرَ شَبِيهِ الحَفيفِ لِمَا

اصْطُكَّ مِنْهَا وَمَا كُوِّرَا

فَقُلْ صَامِتاً وَأَشِرْ مَائِتاً

لِمَنْ تَاهَ فِي الأَرْضِ وَاسْتَكْبَرَا

عَلاَمَ تَبَاذُخُ هَذي الجِبَالِ

وَفِيمَ تَشَامُخُ هَذَا الوَرَى