مضوا تباعا وهذا يوم مسعود

مَضَوْا تِبَاعاً وَهَذَا يَوْمُ مَسْعُودِ

هَلْ فِي الكِنَانَة قَلْبٌ غَيْرُ مَكمُودِ

نَوَابِغٌ مَلأُوا بِالفَخْرِ عَصْرَهُمُ

وَجَدَّدُوا المَجْدَ فِيهِ كُلَّ تَجْديدِ

عَادَتْ بِه لِفُحُولِ الشِّعرِ دَوْلَتُهُمْ

وَدَوْلَةٌ لِلنَّحارِيرِ المَجَاوِيدِ

أَلكَاتِبُ الفَذُّ قَدْ أَلْقَى بَرَاعَتَهُ

بَعْدَ اصْطِحَابٍ طَوِيلِ العَهْدِ مَحْمُودِ

بَحْرٌ مِنَ الأَدَبِ الزَّخَّارِ مُصْطَفِقٌ

بِصَدْرِ أَرْوَعَ فِيه حِشْمَةُ الرُّودِ

تَرَاهُ فِي وَجْهِ مسْتَحْيٍ وَتُخْبِرُهُ

فَلَسْتَ تَخْبُرُ غَيْرَ النُّبلِ وَالجُودِ

تُبْدي ظَوَاهِرُهُ مَا فِي سَرَائِرِهِ

وَقَدْ تَشِعُّ نُفُوسٌ فِي التَّجالِيدِ

يَحْيَا وَدُوداً وَمَوْدُوداً كَأَحْسَنِ مَا

يَرْجُو وَهَلْ مِنْ وَدُودٍ غَيْرِ مَوْجُودِ

وَلَمْ يَكُنْ مَعَ لِينِ الطَّبعِ وَاهِيَهُ

وَلَمْ يَكُنْ بِمُدَاجٍ أَوْ بِرِعْديدِ

وَرُبَّما صَالَ ذَوْداً عَنْ حَقِيقَته

فَجَالَ فِي الشَّوْطِ جَوْلاَتِ الصَّنادِيدِ

جَارَى صِحَافَةَ مِصْرٍ مُنْذُ نَشْأَتِهَا

وَعِبْئُهَا مُرْهِقٌ فِي نَضْرَةِ العُودِ

بِالعَزْمِ وَالحَزْمِ يَسْتَوْفِي مَطَالِبَهَا

وَهَلْ بِغَيْرِهِمَا إِدْرَاكُ مَنْشُودِ

حَتَّى إِذَا آبَ مِنْ أَقْطَابِ نَهْضَتِهَا

وَسَدَّدَ الرَّأْيَ فِيهِ كُلَّ تَسْدِيدِ

أَجْرَى بِمَا يُخْصِبُ الأَلْبَابَ أَنْهُرَهَا

كَالنِّيلِ بِالخِصْبِ يَجْرِي فِي الأَخَاديدِ

وَعَلَّمَ الطَّيرَ فِي أَفْنَانِ رَوْضَتِهَا

شَتَّى الأَفَانِينِ مِنْ شَدْوٍ وَتَغْرِيدِ

إِنَّ الصِّحافَةَ مَوْسُوعَاتُ مَعْرِفَةٍ

يُزَوَّدُ العَقْلُ مِنْهَا خَيْرَ تَزْوِيدِ

تَزِيدُ أَخْبَارُهَا بِالنَّاسِ خِبْرَتَهُ

حَتَّى تُقَوِّم مِنْهُ كُلَّ تَأْوِيدِ

مَسْعُودُ مَهَّدَ فِي مِصْرَ السَّبيلَ لَهَا

فَحازَ فَضْلَيْنِ مِنْ سَبْقٍ وَتَمْهِيدِ

ثُمَّ انْتَحَى مُرْصِداً لِلعِلمِ همَّتهُ

مُتَابِعاً كُلَّ مَجْهْودٍ بِمَجْهُودِ

يُوعِي مَعَارِفَ أَلْوَاناً وَيُخْرِجُهَا

لَفْظاً وَمَعْنىً بِإِتْقَانٍ وَتَجْوِيدِ

فَمِنْ تَآلِيفَ لاَ تُحْصَى فَوَائِدُهَا

مَحْدُودَةٍ وَمَدَاهَا غَيْرُ مَحْدُود

وَمِنْ رَسَائِلَ فِي فَنٍّ وفِي لُغَةٍ

سِيقَتْ لإِقْرَارِ رَأْيٍ أَوْ لِتَفْنِيدِ

وَمِنْ مَبَاحِثَ فِي التَّارِيخِ شَائِقَةٍ

وَفِي البِحَارِ وَفِي الأَمْصَارِ وَالبِيدِ

وَفِي صِفَاتِ بَنِي الدُّنْيَا وَمَا اصْطَلَحُوا

عَلَيْهِ فِي عَهْدِهِمْ مِنْ غَيْرِ مَعْهُودِ

وَفِي عَوَالِمِ أَفْلاَكٍ تُحِيطُ بِنَا

مَا بَيْنَ مُحْتَجِبٍ مِنْهَا وَمَرْصُودِ

هَدِيَّة وَهُدىً مِنْهُ لأُمَّتهِ

وَمَوْطِنٍ بَعْدَ وَجْهِ اللهِ مَعْبُود

مَسْعُودُ يَبْكِيكَ أَبْنَاءٌ بَرَرْتَ بِهِمْ

فَنُشِّئوا نَشْأَةَ الغُرِّ الأَمَاجِيدِ

يَبْكِيكَ قَوْمٌ مَشَوْا وَالحُزْنُ يَشْمَلُهُمْ

فِي مَشْهَدٍ لَكَ يَوْمَ البَيْنِ مَشْهُودِ

يَبْكِيكَ إِخْوَانُ صِدْقٍ هَا هُنَا احْتَشَدُوا

يُنَوِّهُونَ بِفَضْلٍ غَيْرِ مَجْحُودِ

يَمْضِي الزَّمَانُ وَتَبْقَى فِي ضَمَائِرِهِمْ

خَلِيقَ ذِكْرَى بِتَكْرِيمٍ وَتَخْلِيدِ