وارحمتا لي من صروف زماني

وَارَحْمَتَا لِي مِنْ صُرُوفِ زَمَانِي

أَنَّى رَمَتْ سِهَامَ مَكَانِي

إِنِّي لأَسْأَلُ وَالرَّفَاقُ تَحَمَّلوا

أَتُرَى يُطِيلُ عَذَابِي المَلَوَانِ

مَنْ مُبْلِغُ السُّلْوَانِ مَقْرُوحَ الحَشَى

سُدَّتْ عَلَيْهِ مَسَالِكُ السُّلْوَانِ

مَنْعَاكَ يَا عَبْدَ العَزِيزِ أَمَضِّينِي

وَأَضَافَ أَشْجَاناً إِلَى أَشْجَانِي

فَاجَأْتَنِي بِالنَّأْيِ قَبْلَ أَوَانِهِ

هَلْ حُرْقَةٌ كَالنَّأْيِ قَبْلَ أَوَانِ

أَتَسُوءُ إِخْوَاناً مَلَكْتَ قُلُوبَهُمْ

ظَرْفاً وَكَنْتَ مَسَرَّةَ الإِخْوَانِ

رَبَّ البَيَانِ وَأَنْتَ بَالِغَ شَأْوِهِ

أَعْجَزْتَ بِالسَّبِقِ البَدِيعِ بَيَانِي

أَدَبٌ يَخَالُ مُطَالِعُو آيَاتِهِ

أَنَّ الكَلامَ مَثَالِثٌ وَمَثَانِ

فُقْتَ الَّذِينَ أَخَذْتَ عَنْهُمْ يَافِعاً

وَبَزَزْتَ مَنْ جَلُّوا مِنَ الأَقْرَانِ

هَذَا بِإِجْمَاعٍ فَمَاذَا عَارَضَتْ

دَعْوَى دَعِيٍّ مِنْ سَنَى البُرْهَانِ

لا خَيْرَ فِي زَمَنٍ إِذَا مَا طَاوَلَتْ

فِيهِ الصِّعَادُ عَوَالِي المُرَّانِ

أَحْدَثْتَ أُسْلُوباً وَكَنْتَ إِمَامَهُ

وَبَقِيتَ فَذّاً فِيهِ مَا لَكَ ثَانِ

جَمَعَ السُّهُولَةَ وَالجَزَالَةَ لَفْظُهُ

تَتَخَالَفَانِ حِلىً وَتَأْتَلِفَانِ

دِيبَاجَةٌ عَرَبِيَّةٌ مِصْرِيَّةٌ

نُقِشَتْ بِرَائِعَةٍ مِنَ الأَلْوَانِ

مَنْ لِلنَّوَادِرِ تَجْتَنِي مِنْهَا النُّهَى

مَا تَشْتَهِي مِنْ طَيِّبَاتِ مَجَانِ

مَنْ لِلبَوَادِرِ لا يَجُودُ بِمِثْلِهَا

قَبْلَ الرَّوِيَّةِ أَحْضَرُ الأَذْهَانِ

مَنْ لِلدُّعَابَةِ وَهْيَ قَدْ قَرَنَتْ إِلَى

حِلمِ الشُّيُوخِ تُرَاهَةً الشُّبَّانِ

إِنْ ثُقِّفَتْ لطُفَتْ وَفِي ضَحِكَاتِهَا

إِيمَاضُ بَرْقٍ لا انْفِضَاضُ سِنَانِ

نَهْلٌ تَسَاقَاهَا القُلُوبُ فَتَشْتَفِي

غُلَلٌ وَتُقْضَى لِلقُلُوبِ أَمَانِ

بَلَوَاتُ أَلْبَقِ كَاتِبٍ وَمُحَدِّثٍ

صَافِي البَدَاهَةِ بَارعِ التِّبْيَانِ

فِي جِدِّهِ وَمُزَاحِهِ مُتَصَرِّفٌ

بِبَرَاعَةٍ خَلاَّبَةٍ وَلِسَانِ

أَخَلا مِنَ البِشْرِيُّ عَصْرٌ لَمْ يَكُنْ

فِيهِ عَلَى ذَاكَ المِثَالِ اثْنَانِ

شَخْصٌ قَلِيلٌ ظِلُّهُ طَاوِي الحَشَى

يَمْشِي فَلا تَتَوَازَنُ الكَتِفَانِ

طَلَقُ المُحَيَّا إِذْ تَرَاهُ وَرُبَّمَا

نَمَّتْ بِكَامِنِ دَائِهِ العَيْنَانِ

حُبَّتْ مَلامِحُهُ بِمَسْحَةِ أُدْمَةٍ

هِيَ مِنْ مِنَا إِنْ شِئْتَ أَوْ عَدْنَانِ

وَبِعَارِضَيْهِ الهَابِطَيْنِ وَلِمَّةٍ

شَعْثَاءَ لَمْ تُلمَمْ مِنَ الثَّوَرَانِ

وَمَضِنَّةٍ يَطْوِي عَلَيْهَا صَدْرَهُ

وَكَأَنَّهُ أَبَداً عَلَيْهَا حَانِ

مِنْ ذَلِكَ التِّمْثَالِ لاحَتْ لِلوَرَى

آيَاتُ أَيِّ حِجىً وَأَيُّ جَنَانِ

حُسْنُ المَنَارَةِ فِي سُطُوعِ ضِيائِهَا

لا فِي زَخَارِفِهَا وَلا البُنْيَانِ

أَمَّا خَلائِقُهُ فَقُلْ مَا شِئْتَ فِي

جَمِّ المُرُوءةِ رَاسِخِ الإِيمَانِ

مَا ضَاقَ صَدْراً وَهْوَ أَصْدَقُ مُسْلِمٍ

بِتَخَالُفِ الآرَاءِ وَالأَدْيَانِ

نِعْمَ الفَتَى فِي غَيْبَةٍ أَوْ مَشْهَدٍ

نِعْمَ الفَتَى فِي السِّرِّ وَالإِعْلانِ

بِالعَدْلِ يَقْضِي فِي الحُقُوقِ وَبِالنَّدَى

يَقْضِي حُقُوقَ الأَهْلِ وَالجِيرَانِ

يَسْعَى كَأَدْأَبِ مَنْ سَعَى لِمُهِمَّةٍ

مَهْمَا يُجَشِّمُ دُونَهُ وَيُعَانِ

مُتَشَمِّراً بِغُدُّوِّهِ وَرَوَاحِهِ

عَجِلَ الخُطَى مُسْتَرْسِلَ الأَرْدَانِ

لَمْ كَانَ مَا فِي جِدِّهِ فِي جِدِّهِ

لَعَلَتْ مَكَانَتُهُ إِلَى كِيوَانِ

لَكِنَّهُ لَمْ يُلْفَ يَومْاً عَاتِباً

أَوْ طَالِباً مَا لَيْسَ فِي الإِمْكَانِ

وَرَعَى حَقِيقَةَ نَفْسِهِ وَأَجَلِّهَا

عَنْ أَنْ تُبَدَّلَ عِزَّةً بِهَوَانِ

مَا مَنْصِبٌ فَوْقَ المَنَاصِبِ أَوْ غِنًى

فَوْقَ المَطَالِبِ غَايَةَ الفَنَّانِ

مَهْمَا يُزَاوِلْ فَالكَرَامَةُ عِنْدَهُ

هِيَ فِي إِجَادَتِهِ وَفِي الإِتْقَانِ

مَاذَا يَكُونُ سَلِيلُ بَيْتٍ صَالِحٍ

عَالِي المَنَارَةِ بَاذِخِ الأَرْكَانِ

أَلوَالِدُ الشَّيْخُ الرَّئِيسُ وَوُلدُهُ

شَرَوَاهُ فِي أَدَبٍ وَفِي عِرْفَانِ

صَبْراً جَمِيلاً يَا أَخَاهُ وَأَنْتَ مَنْ

بِحِجَاهُ يُدْرِكُ حِكْمَةَ الرَّحْمَنِ

كَمْ فِي القَضَاءِ تَلُوحُ لِلفَطِنِ الَّذِي

وَلِيَ القَضَاءَ وَمَعانِ

وَعَزَاءَكُمْ يَا آلَهُ إِنَّ الَّذِي

تَبْكُونَهُ فِي نِعْمَةٍ وَجِنَانِ

وَعَزَاءَكُمْ يَا مُعْجَبِينَ بِفَضْلِهِ

فِيمَا دَنَا وَنَأَى مِنَ الأَوْطَانِ