يا أيها الملك الذي حسناته

يَا أَيُّها المَلِكُ الَّذِي حَسَنَاتُهُ

فَوْقَ الَّذِي نُثْنِي عَلَيْهِ وَنُطْنِبُ

كَمْ غَزْوَةٍ لَكَ في عِدَاكِ عَجِيبَةٍ

لاَ شَيْءَ غَيْرَ نَدَاكَ مِنْهَا أَعْجَبُ

كَمْ رَحْمَةٍ قَلَّدْتَ أَقْواماً بِهَا

أعْنَاقَهُمْ وَالسَّيفُ يُوشِكُ يَسْلُبُ

كَمْ مِنَّة لَكَ فِي الْعِبَادِ جَمِيلَةٍ

كَالشَّمسِ تُنْمِي رَوْضَةً وَتُذَهِّبُ

هَذِي كَوَافِلُ حُسْنِ ذِكْرِكَ في الْوَرَى

وَأَبَرُّ مَا يَبْقَى الْفَعَالُ الطَّيبُ

يَكْفِيكَ فَخْراً أَنَّ أَعْظَمَ أُمَّةٍ

تَنْضَمُّ في مُلكٍ إلى اسْمِكَ يُنْسَبُ

فَعَلاَمَ أَنْتَ تُزِيلُ ذِكْرَ مُلُوكِهَا

وَأُولَئِكَ الْعُظَمَاءُ مَوْتَي غُيَّبُ

إِنْ تَمْحُ مِنْ أَسْفَارِهِمْ أَخْبَارَهُمْ

فَالصَّخرُ يُنْحَتُ وَالمَنَاحِتُ تُكْتَبُ

وَلَيَعْلَمَنَّ النَّاسُ بَعْدَكَ أَمْرَهُمْ

فَتُلاَمُ مَا طَالَ المَدَى وتُؤَنَّبُ

خَدَعَتْكَ كَاذِبَةُ المُنَى بَوعُودِهَا

وَالحُرُّ يُخْدَعُ وَالأَمَانِي تَكْذِبُ

وَإِذَا نَظَرْتَ إلىَ الْحَقِيقَةِ صَادِقاً

فَالذِّكْرُ لَيْسَ يُعِيدُ عُمْراً يَذْهَبُ

أَمَّا الْجِدَارُ فَلَو رَفَعْتَ بِنَاءَهُ

حَتَّى اسْتّقَرَّ عَلَى ذُرَاهُ الكَوْكَبُ

وَلَو الْجِبَالُ جُعِلْنَ بَعْضَ حِجَارِهِ

وَلُحِمْنَ حَتَّى المَاءُ لاَ يَتَسَرَّبُ

فَلَيُحْدِثّنَّ النَّاسُ مَا هُوَ فَوْقَهُ

عِظَماً وَإتْقَاناً وَمَا هُوَ أَغْرَبُ

وَلَتُصْنَعَنَّ نَوَاسَفٌ تُثْفَى الرُّبَى

بِدُخَانِهَا مَنْثُورَةً تَتَلَهَّبُ

وَلَتَنْفُذَنَّ إِلَى بَكِينَ خَلاَئِقٌ

بَيْضَاءُ تَغْنَمُ مَا تَشَاءُ وَتَنْهَبُ

تَأْتِي بِهَا فَوْقَ الْبِحَارِ سَفَائِنٌ

كَالْجِنِّ في جِدِّ الْعَوَاصِفِ تَلْعَبُ

مَاذَا يُفِيدُ السُّورُ حَوْلَ دِيَارِهِمْ

وَقُلُوبُهُمْ فِيهَا ضِعَافٌ هُرَّبُ

فَأَبَرُّ مِنْ تَضْيِيقِ دُنْيَاهُمْ بِهِ

أَنْ تَرْحُبَ الدُّنْيَا بِهِمْ مَا تَرْحُبُ

أَلأَمْنُ قَتَّالُ الشَّجاعَةِ فِيهِمُ

وَحَيَاتُهَا فِيهِمْ مَخَاوِفُ تُرْقَبُ

لاَ يَعْصِمُ الأُمَمَ الضَّعيفَةَ فِطْرَةً

إِلاَّ فَضَائِلُ بِالتَّجارِبِ تُكْسَبُ

فَتَكُونُ حَائِطَهَا المَنِيعَ عَلَى الْعِدَى

وَتَكُونُ قُوَّتَهَا الَّتِي لاَ تُغْلَبُ