يا مصر لو تقدر الأقدار بالكرم

يَا مِصْرُ لَوْ تُقْدَرُ الأَقْدَارُ بِالكِرَمِ

لَكُنْتِ سَابِقَةَ الأَمْصَار وَالأُمَمِ

مَا أَشْرَفَ الجودَ لا يُبْغَى بِهِ عَوَضٌ

كَمَا تَجُودِينَ عَنْ بُعْدٍ ومن أَمَمِ

إِنِّي أَرَى مِنْكِ آياتٍ تُحَقِّقُ لي

أَنَّ النَّدَى سَيِّدُ الأَخْلاقِ وَالشِّيَمِ

وَأَنَّهُ شممٌ خَافٍ يُعَزُّ بِهِ

عَلَى الغُزَاةِ وَمَا يُبْدُونَ مِنْ شَمَمِ

أَبْكَاكِ من رَقَّةٍ خَطْبٌ بِهِ صَمَمٌ

عَمَّنْ شكا ولَبِئْسَِ الخَطْبُ ذًو الصَّمَمِ

دَهَى دِمَشْقَ بِنَارٍ مِنْهُ هَاتِكَةٍ

نَهَّاشَةِ اللُّسْنِ للأَعْرَاضِ وَالحُرَمِ

سَطَتْ عَلَى مَوْضِعِ الأَرْزَاقِ مَا تَرَكَتْ

مِنْهَا سِوَى كُلِّ عَافٍ تَحْتَ مُنْهَدِمِ

تَشُبُّ وَ الغُوطَةُ الْفَيْحَاءُ ضَاحِكَةٌ

حِيَالَهَا ضَحِكَ المَرْزُوءِ بِاللَّمَمِ

يُهْدِي زُمُرُّدُهَا أَنْوَارَ نَضْرَتِهِ

إِلَى سَعِيرٍ كَذَوْبِ التِّبْرِ مُحْتَدِمِ

وَحَوْلَهَا السَّبْعَةُ الأَنْهَارُ جَارِيَةٌ

مِنْ غَيْرِ جَدْوَى بِذَاكَ المَدْمَعِ الشَّبِمِ

نِكَايَةُ الدَّهْرِ لا يَفْنَى لَهَا لَعِبٌ

بِالنَّاسِ تَلْعَبُهُ فِي اللَّهْوِ وَالأَلَمِ

أَشْقَتْ دِمَشْقَ الَّتِي تَدْرُونَ نَجْدَتَهَا

إِذْ يَبْتَغِيهَا جَلالُ المُلْكِ مِنْ قِدَمْ

وَإِذْ بَنُوهَا هُمُ الآسَادُ إِنْ وَرَدُوا

مَوَارِدَ الْحَرْبِ وَالأَجْوَادُ فِي السَّلمِ

زُهْرٌ مَآثِرُهُمْ زَهْرٌ مَفَاخِرُهُمْ

فِي مُجْتَلَى الْحِلْمِ أَوْ فِي مُجْتَنَى الْحِكَمِ

خِلالُ بَأْسٍ وَآدَابٍ وَمَكْرُمَةٍ

آثَارُهُما الغُرُّ فِي الأَعْقَابِ لَمْ تَرِمِ

للهِ مَنْ نُكِبُوا فِي دُورِهِمْ فَأَوَى

سَوَادُهُمْ بَعْدَ أَنْ بَادَتْ إِلَى الظُّلْمِ

لا مُطْفِيءٌ بَرَدَى حَرّاً بِأَنْفُسِهِمْ

وَلا مُعِينٌ عَلَى الطَّاغِي مِنَ الضَّرَمِ

لَكِنْ تَدَارَكَهُمْ مِنْ فَضْلِكُمْ عَمَمٌ

يَأْسُو جِرَاحَاتِ ذَاكَ الكَارِثِ العَمَمِ

فَبَارَكَ اللهُ فِي هَذِي الْوُجُوهِ وَفِي

هَذِي الْقُلُوبِ وَمَا أَسْدَتْ مِنَ النِّعَمِ