يا من بكى والخطب جد أليم

يَا مَنْ بَكَى وَالخَطْبُ جِدُّ أَلِيمِ

مَا حِيلَةُ البَاكِي سِوَى التَّسْلِيمِ

زَيْنُ الشَّبَابِ أَتَى الحَيَاةَ مُسَلِّماً

أَوْدَاعُهُ فِي مَوْقِفِ التَّسْلِيمِ

هَنْرِي تَوَلَّى وَهْوَ مِنْكَ خُلاصَةٌ

إِنَّ الجَزُوعَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُلِيمُ

مَا كَانَ أَنْضَرَهُ وَأَطْهَرَ نَفْسِهِ

مِنْ كُلِّ شَيْنٍ فِي الخِلالِ ذَمِيمِ

مَا كَانَ أَنْجَبَهُ وَأَوْفَرَ قِسْطَهُ

مِنْ فَضْلِ آدَابِ وَفَيْضِ عُلُومِ

أَعْظِمْ بِحَرْقَةِ أَهْلِهِ وَبِلادِهِ

إِذْ كَانَ مَرجُوّاً لِكُلِّ عَظِيمِ

أَيُّ الكَلامِ وَإِنْ سَمَا إِلهَامُهُ

يَأْسُو جِرَاحَةَ قَلْبِكَ المُكْلُومِ

لَكِنَّهُ حُكْمُ القَدِيرِ لِحِكْمَةٍ

لا يَسْتَرِيبُ بِهَا ضَمِيرُ حَكِيمِ

فَاذْخَرْ فُؤَادَكَ لِلَّذِينَ تَخَلَّفُوا

فَهُمُ الضِّعَافُ وَأَنْتَ أَيُّ كَرِيمِ

حَقُّ البَنِينَ عَلَيْكَ كَيفَ يُضِيعُهُ

كَهْفُ الغَرِيبِ وَمَوْئِلُ المَحْرُومِ

مَا لِي أُعَزِّي يُوسُفاً وَهْوَ أَمْرُوءٌ

رَاضَ الصِّعَابَ وَلَمْ يَنُوءْ بِجِسِيمِ

لَمْ تَكْتُمِ الأَيَّامُ سِرَّ حَدِيثِهَا

عَنْهُ وَلَمْ يُخْطِئْهُ عِلْمُ قَدِيمِ

مَنْ مِثْلُهُ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ لَهُ

تَقْوَى صَبْورٍ وَامْتِثَالِ حَكِيمِ

يَكْفِيهِ عَوْناً أَنَّ مُنْجِبَ وُلْدِهِ

هِيَ فِي المُصَابِ لَهُ أَبَرُّ قَسِيمِ

إِيمَانُهَا لا تَسْتَقِلُّ بِهِ الرُّبَى

كَيْفَ اسْتَقَلَّ بِهِ مَزَاجُ نَسِيمِ

العَقْلُ بِالرَّجْحَانِ عَقْلُ حَصِيفَةٍ

وَالقَلْبُ بِالتَّحْنَانِ قَلْبُ رَؤُومِ

يَا مَنْ أَطَاعَا بِالرِّضَى مِنْ أَمْرِهِ

سِيَّانَ فِي التَّأْخِيرِ وَالتَّقْدِيمِ

إِنَّ الَّذِي بَيْنَ الجَوَانِحِ ذِكْرُهُ

وَمِثَالُهُ مُتَرَحِّلٌ كَمٌقِيمِ

وَلَّى وَلَمْ يَحْجُبْ مِنْ الدُّنْيَا قِذَىً

عَنْهُ تَجَلِّي رَبِّهِ القَيُّومِ

أَيْنَ الَّذِينَ بَقُوا وَأَيْنَ مَكَانَهُ

مِنْ نُصْرَةٍ أَبَدِيَّةٍ وَنَعِيمِ