يا من زها بسناه صدر النادي

يَا مَنْ زَهَا بِسَنَاهُ صَدْرُ النَّادِي

وَهَوَاهُ فِي المُهَجَاتِ وَالأكْبَادِ

حَفَلَ الرِّجَالُ يُوَدِّعُونَكَ رَاحِلاً

عَنْهُمْ وَذِكْرُكَ مِلْءُ كُلِّ فُؤَاد

حَكَمُوا لِقَاضِيهِمْ وَزَكُّوا حُكْمَهُم

فَزَكَا بِإِجْمَاعٍ مِنَ الأَشْهَاد

فِي زِينَةٍ نَظَمَ الوَفَاءُ جَمَالَهَا

وَمُرَادُهُ مِنْهَا أَجلُّ مُرَاد

شَرَفاً فَمَا هَذَا وَدَاعٌ إِنَّهُ

عِيْدُ النَّزَاهَة أَكْرَمُ الأعْياد

عِيدٌ إِلَى سَعْدِ ارْتِقَائِكَ جَامِعٌ

كَبْتَ العُداةِ وَخَجْلَةَ الحُسَّاد

نِعْمَ الجَزَاءُ لِمَنْ وَفَى بِعُهُوده

وَرَعَى مَوَاثِقَ أُمةٍ وَبِلاَد

نِعْمَ الْجَّزَاءُ لِمَنْ تَرقَّب رَبَّهُ

فِي صَوْنِ أَعْرَاض وَأَمْنِ عِبَاد

نِعْمَ الْجزَاءُ لِمَنْ أَضاءَ بِرَأْيِه

فَجْرُ الصَّلاَحِ عَشِيَّة الإِفْسَاد

نِعَمَ الْجزَاءُ لِجَاعِلٍ تَصْرِيفُهُ

فِي الْحَقِّ فَوْقَ الوَعْدِ وَالإِيعَاد

يَا جَامِعَ الأضْدَادِ أَبْدَعَ مَا الْتَقَتْ

أَكَذَا يَكُونُ الْجَمْعُ لِلأضْدَادِ

أَكَذَا يَكُونُ الْحُكمُ فِي سَادَاتِهِ

أَكَذَا يَكُونُ البَأْسُ فِي الآسَادِ

أَكَذَا نَدَى الْيَدِ وَهْوَ شَافٍ كَالنَّدَى

أَكَذَا الْعَزِيمَةُ وَهْيَ قَدْحُ زِنَادِ

أَكَذَا القَضَاءُ فَمَا تَكَبُّرُ شَامِخٍ

مُغْنٍ لَدَيْهِ وَلاَ تَطَامُنُ وَادِ

أَكَذَا الإِدَالَةُ فِي سَبِيلِ العَدْلِ مِنْ

سَيْفِ الأميرِ لِمِنْجَلِ الحصَّادِ

بَالغْتَ فِي حُبِّ الْفَقِيرِ مَبَرَّةً

بِأَخِي الشَّقاءِ رَقيقِ الاسْتِبْدَادِ

مَا كَانَ أَجْدَرَهُ بِرَاعٍ مُنْصِفٍ

يَرْعَى خُطَاهُ بِرَأْفَةٍ وَسَدَادِ

رِفْقاً بِهِ وَتَذَكُّراً لِجَمِيلِهِ

أَوْ رَحْمَةً لِشَقَائِهِ المُتمَادِي

وَهْوَ الَّذِي فَتَحَ الْمُلوكُ فُتُوحَهُمْ

بِهَدِيَّتيْهِ أَلْمَالِ وَالأوْلاَدِ

وَهْوَ الَّذِي لَمْ تَسْتَقِلَّ أَرِيكَةٌ

إِلاَّ عَلَى حَقْوَيْهِ والاعْضَادِ

وَهْوَ الَّذِي لَمْ تُبْنَ رِفْعَةُ أُمةٍ

إِلاَّ عَلَى أَيّدٍ لَهُ وَأَيَادِ

لَكِنَّه قَلَّ الشَّكورُ وَلَمْ تَزَلْ

لِلْمَرءِ هذِي الدَّارُ دَارَ عِنَاد

مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُ مَا عَلَيْهِ وَمَالَهُ

فَصَفِيُّه ظُلْماً لَهْ كَالعادِي

وَالحَقُّ لاَ يَعْلُو بِغَيْرِ خُصُومَةٍ

مَسْمُوعَةِ الإِتْهَامِ وَالإِسْنَادِ

إِنْ يَرْكَبِ الْبَاغِي هَوَاةُ مَطِيَّةً

فَأْشدُّ بَغْياً خُضَّع الاجْيَادِ

عَجبٌ لعَمرُكَ أَنْ تُصادفَ رَاجِلاً

يَمْشِي فَيَتْعَبُ وَهْوَ رَبُّ جَوَاد

وَأَشَدُّ بِدْعاً عِزُّ فَرْدٍ جَاهِلٍ

أَوْ مُرْتَقَى جمَع قُوَاهُ بَدَاد

كُلُّ السَّلاَمَة آيةٌ مَأْخوذَةٌ

عَنْ خِبْرَة الآباءِ وَالأجْدَاد

أُلْقُوا إلى النُّخَبِ الْكِرامِ قِيَادَكُمْ

لَكِنْ خُذُوا غُلَوَاءَهُمْ بِقِيَاد

يَا خَادماً أَوْطَانَهُ بِحَصَافَةٍ

آثارُهَا تَبْقَى عَلَى الآبَاد

كَمْ فِي الجُمُوعِ يُرَى ذَكَاءٌ شَائِ

عٌ لَكِنْ تَرَى الأخْلاقَ فِي أَفْرَاد

أَحْكِمْ بِرَأْيِكَ مُبْديءِ السُّنَنِ الَّتي

هِيَ فِي الخِلاَفِ مَنَائِرُ الرُّوَّاد

سَيَقُولُ مَنْ يَسْتَنُّها فَصْلا بِهَا

هَذَا القَضَاءُ قَضَاهُ عَبْدُ الْهادي