يا من شكت ألمي معي

يَا مَنْ شَكَتْ أَلَمِي مَعِي

طيَّبتِهِ فِي مَسْمَعِي

شَكْوَاكِ ألْطَفُ بَلْسَمٍ

لِجِرَاحَةِ المُتَوَجِّعِ

مَا أعْلَقَ الشَّدْوَ الرَّخيمَ

بِكُلِّ قَلَّبٍٍ مُولَعِ

غَنِّي أهَازِيجَ النَّوَى

وَعَلَى نُواحِي أَوْقِعي

بِنْتَ الكِنَانةِ مَا رَمَى

بِكِ بَيْنَ هَذِي الأَرْبُعِ

فِيمَ اغْتَرْبتِ وَكنْتِ فِي

ذَاكَ الأَمَانِ الأَمْنَعِ

أَحُمِلْتِ مَحْملَ سِلْعَةٍ

جَلَباً بِغيْرِ تَطَوُّعِ

فَفَرَرْتِ مِنْ قَفَصِ الْكَفِيلِ

إلى الْفَضَاءِ الأَوْسَعِ

وَبِوُدِّكِ الْعَوْدُ الْقَريبُ

لِسِرْبِكِ الْمُسْتمْتِعِ

فِي مِصْرَ مَصْرَخَةِ اللَّهِي

فِ وَمَلْجَإ الْمُتَفَزِّعِ

مِصْرَ السَّماءِ الصَّحوِ مِصْرَ

الدِّفْءِ مِصْرَ المَشْبَعِ

مِصْرَ الِّتِي مَا رِيعَ سَا

كِنُهَا بِرِيحٍ زَعْزَعِ

حَيْثُ المَرَاعِي وَالنَّدَى

لِلْمُرْتوِي وَالمُرْتَعِي

حَيْثُ السَّوَاقِي الْحَانِيَا

تُ عَلَى الطُّيورِ الرُّضَّعِ

حَيْثُ الْحَرَارَةُ مَا تُوَا

ل ربِيبَهَا يَتَرَعْرَعِ

أَمْ أَنْتِ مِنْ تِلْكَ الْجَوَا

لِي فِي الْفصُولِ الأَرْبَعِ

لاَ تَعرِفِينَ مِنَ الزَّمَا

نِ سِوَى المَكَانِ المُمْرِعِ

تَثِبِينَ مِنْ مُتَرَبَّعٍ

أَبَداً إِلَى مُترَبَّعِ

بِهِدَايَةٍ صَحَّت عَلَى

طَلَبِ الأَحَبِّ الأَنْفَعِ

وَثُقُوبِ فِكْرٍ فِي

التَّوَجُّه وَاخْتِيَارِ المَنْجَعِ

وَغَنَاءِ رَأْيٍٍ عَنْ دَلاَ

لةِ إِبْرَةٍ أَوْ مَهْيعِ

وقناعةٍ مِنْ قِسمةٍ

لَكِ عِنْدَ خَيْرِ مُوَزِّعِ

فِي السِّرْبِ أَنَّى سَارَ لاَ

تَخْشيْنَ سُوءَ المَوْقِعِ

السِّرْبُ مَا فِي السِّرْبِ مِنْ

عَجَبٍ لِذِي قَلْبٍ يَعِي

تَنْضَمُّ حِينَ جَلاَئِهِ

أَشْتَاتهُ فِي مَجْمَعِ

مِنْ غيْرِ مِيعَادٍ تَقدَّ

مَ لِلرَّحِيلِ المُزْمَعِ

فَإِذا عَلاَ أَزْرَى عَلَى

سِرْبِ السَّفينِ المُقْلِعِ

آلاَفُ آلافٍ بِغَيْرِ

تَلَكُّؤٍ وَتضعْضُعِ

وَبِلاَ هَزِيزِ تَقَلْقُلٍ

وِبِلاَ أَزِيزِ تَخَلُّعِ

وَبِلاَ اصْطِدَامٍٍ فِي الزِّحَا

مِ مُحَطِّم وَمُصَدِّعِ

إنْ تَلْتئِمْ فَمُرُورُهَا

كَالعَارِضِ المُتَقَشِّعِ

أَوْ تَفْتَرِقْ فهِي الْجُيُو

شُ بِقَادَةٍ وَبِتبَّعِ

كُلٌّ يسِيرُ ولا يُخَا

لِفُ فِي الطَّرِيقِ المُشْرَعِ

كُلٌّ يُجَارِي رَأْيَهُ

وَالرَّأيُ غَيْرُ مُوَزَّعِ

كُلٌّ كَرُبَّانٍ يُدِيرُ

زِمَامَ فلْكٍ طَيِّعِ

بِالْيُمْنِ يَا غِرِّيدَةَ الْوَادِي

إلى الْوَادِي ارْجِعِي

إِنِّي لَأَسْمَعُ فِي غِنَا

ئِكِ رَقْرَقَاتِ الأَدْمُعِ

وَيرُوعُنِي شَجَنٌ بِهِ

كَشجىً بِحَلْقِ مُوَدِّعِ

تِلْكَ الْبَرَاعَةُ مَا

اسْتَتَمَّت فِي جَمَالٍ أَبْرَعِ

جِسْمٌ كحُقٍّ لِلْحَيَا

ةِ مُعَرَّقٍ ومُضَلَّعِ

يَغْشَاهُ ثوْبٌ دَبَّجتْ

أَلْوَانَهُ يد مُبْدِعِ

أَلْمَتْنُ يَزْدَهِرُ ازْدِهَا

رَ الأَخْضَرِ الْمُتَجَمِّعِ

وَالصَّدْرُ فِيمَا دونَهُ

يُزْهَى بِأَحْمَرَ مُشبَعِ

وَالْجِيدُ زِينَ مِنَ النُّضا

رِ بِحِلْيَةٍ لمْ تُصْنَعِ

دَعْ كُلَّ نَقْشٍ فِي الْخِلاَلِ

مُوَشَّم وَمُبَقَّعِ

وَدَعِ الْقوَادِمَ تَسْتَقِلَّ

بِرِيشِهَا المُتنوِّعِ

آياتُ خلْقٍ مَنْ يُجِلْ

نظراً بِهَا يَتَخَشَّعِ

أَعْظِمْ بِهَا فِي ذلِكَ الْجِ

سْمِ الصَّغيرِ الأَضْرَعِ

لَوْلاَ الْحَرَاكُ لَخِيلَ مِنْ

ثَمَرٍ هُنَالِكَ مُونِعِ

حُلْوُ الشَّمائِلِ إنْ يُجَا

رِ الطَّبعَ أَوْ يَتَطَبَّعِ

يَرْنو بِفَائِضَتَيْ سَنىً

كَالجَوْهَرِ المُتَطلَّعِ

يَسْهُو بِغَاشِيَتَيْنِ

تَنْسَدِلاَنِ سَدْلَ الْبُرْقُعِ

مُتَطَاوِلُ الْخَدَّيْنِ فِي

وَجهٍ حَدِيدِ الْمَقْطَعِ

مِنْقَارُهُ كَقُلاَمَتَينِ

مِنَ الظَّلاَمِ الأَسْفَعِ

أُخْتِ الشَّوَادِي الخُضْرِ حَا

نتْ لَفْتَةُ المُتنَوِّعِ

بِكِ نَزعَتِي نَحْوَ الْحِمَى

وَعَدَاكِ قَيْدِي فَانْزِعِي

أَلْقِي الْوَدَاع تَأَهُّباً

وَاسْتَوفِزِي وَاسْتَجْمِعِي

لِلهِ وَثْبَتُكِ الْبَدِيعَةٌ

إِذْ وَثبْتِ لِتطْلُعِي

حَيْثُ الضُّحى مُتَسَاكِبٌ

كِطلاً بِكَفِّ مُشَعْشِعِ

وَالرِّيحُ تَحْضُنُ آخِرَ

النَّغمَاتِ حَضْنَ المُرْضِعِ

وَالدَّوْحُ مَيَّادُ الرُّؤو

سِ مُشَيَّع بِالأَذْرُعِ

وَتَعَطُّف الأَفْنَانِ شِبْهُ

تَقَصُّف فِي أَضْلُعِ

خُضْتِ الضِّياءَ عَلَى غَوَا

رِبِ مَوْجِهِ المُتَدَفّعِ

تَتَصَاعَدِينَ وَمَا الشِّها

بُ المُسْتَطَارُ بِأَسْرَعِ

يَرْمِي جَنَاحَاكِ المَهَا

وِيَ بِالشّعَاعِ السّطَّعِ

وتُراعُ رَائِعَةُ النهَا

رِ لِوَهْجِكِ المُتَفَرِّعِ

وَلَشِكَّة الأَلْوَانِ حَوْلَكِ

كَالنِّصاعِ الشُّرَّعِ

مَزَّقْتِ أَسْتَارَ السَّنى

عَنْ عَالَمٍ مُتَقَنِّعِ

جَمِّ الْخَلاَيَا فِي حَوَا

شِي النُّورِ خافِي الْمَوْضِعِ

أَنْزَلْتِ هَوْلاً فِي قرَاهُ

وَفِي الذَّرَائِرِ أَجْمَعِ

أَنَظَرْتِ عَنْ كَثَبٍ إِلَى

مَلإَ هَنَاكَ مُرَوَّعِ

هِيَ وَقْعَةٌ فِي الْجَوَّ بَيْ

نَ هَبَائِهِ الْمُتَلَمِّعِ

هَبَّت خَلاَئِقهُ عَلَى

ذَاكَ الْمُغِيرِ الْمُفْزِعِ

فِي أُسْدِ غابٍ تَسْتَطِي

رُ وَفِي ذُبَابٍ وُقَّعِ

يَجْدُدْنَ حَرْباً كَالْكُمَا

ةِ وَكالرُّمَاةِ الرُّكَّعِ

يَكْرِرْن أَوْ يَفْرِرْن

بَيْنَ تفرُّدٍ وَتجَمُّعِ

يَرْمِينَ بالرُّجُمِ الدِّقا

قِ وَبِالنُّجومِ الظُّلعِ

تِيهِي بِغارَتِكِ السَّنيَّةِ

فِي الْمَجَالِ الأَرْفعِ

مَا شَأُنُ كِسْرَى فِي الْفُتو

حِ وَمَا مَفاخِرُ تبعِ

لاَ مَجْدَ يَبْلُغُ مَجْدَكِ

الأسْنى بِذاكَ الْمَفرَعِ

لاَ صَفْوَ أَرْوَح مِن

تحَيُّرِ خَصْمِكِ المتَضَعْضِعِ

لاَ سِلمَ أَبْهَجُ مِنْ تَهَا

يُلِ رُكْنِهِ المُتزَعزِعِ

أُمَمُ الأَثِيرِ جَمَالُهَا

فِي أَنْ تُرَاعَ فَرَوِّعِي

وَتَتِمُّ آيَةُ حُسْنِهَا

بِالأَمنِ بَعْدَ تَفَزُّعِ

فَإذَا مَضَيْتِ وَلَمْ تُصَبْ

بِبَلاَئِكِ المُتَوَقَّعِ

بَلْ جُزْتِ بِالحُسْنَى وَسَا

ءَ تَوَرُّعُ المُتَوَرِّعِ

ثابَتْ إلى فَرَحٍ كَذَ

لِكَ تَوبَةُ المُتَسَرِّعِ

فسَدِيمُهَا كَغُبَارِ دُرٍّ

سَاطِعٍ فِي مَسْطَعِ

وَالجَوُّ تَمْلأُهُ نُسَا

لاَتُ البُرُوقِ اللُّمَّعِ

سِيرِي وَوَلَّي صَدْرَكِ الْ

مُشْتَاقَ شَطْرَ المَرْبَعِ

حَتَّى إِذَا مَا جِئْتِهِ

وَشَرَعْتِ أَعْذبَ مَشْرَعِ

وَشَدَوْتِ مَا شَاءَ السُّرُو

رُ عَلَى ارْتِقَاصِ الأَفْرُعِ

عُوجِي بِبُسْتَانٍ هُنَا

لكَ فِي الْعَرَاءِ مُضَيَّعِ

صَفْصَافُهُ مُتَنَاوِحٌ

وَالنُّورُ بادِي الْمَدْمَعِ

لِي فِي ثَرَاهُ دَفِينَةٌ

كَالكَنْزِ في الْمُستَوْدَعِ

تُخْفِي الأَزَاهِرُ قَبْرَهَا

عَنْ أَعيُنِ الْمُسْتَطِلعِ

كَانَتْ مِثَالاً لِلْمَحَا

سِنِ فِي مِثَالٍ أَرْوَعِ

فَتَحَوَّلَتْ لُطْفاً إلى

طَيْفٍ أَرَقَّ وَأَبْدَعِ

طَيْفٍ يَشِفُّ بِهِ الْبِلَى

عَنْ رِفْعَةٍ وَتَمَنُّعِ

فَإذَا السَّماءُ قَرَارُهُ

وَالنَّجمُ بَعْضُ الْيَرْمَعِ

قُولي لَهُ إنْ جِئْتِهِ

يَا أُنْسَ هَذَا الْبَلْقَعِ

أَتُحِسُّ فِي هذَا الثَّرَى

نَبَضَانَ قلْبٍ مُوجَعِ

هَذَا حَنِينٌ مِنْ فُؤَا

دِ مُحبِّك الْمُتَفجِّعِ

عدتِ الْعَوَادِي جِسْمَهُ

عَنْ قُرْبِ هَذَا المَضْجَعِ

فَمَضَى بِأَحْزَنِ مَا يَكُو

نُ أخو الأَسَى وَبِأَجْزعِ

وَنوَى الضَّريحِ أَضَرَّهُ

كَنَوَاكِ يَوْمَ المَصْرَعِ

نِعْم الشَّفيعَةُ أَنْتِ لِي

عِنْدَ المَلاَئِكِ فاشْفَعِي

مَنْ لِي بِصَوْتٍ مِثْلِ صَوْ

تِكِ مُبْلِغٍ لِتَضَرعِي

يُنْهَى إِلى ثَاوِي الْجِنَا

نِ فَيَسْتَجِيبُ وَقدْ دُعِي

إِنَّ الَّذِي أَبْكِيهِ وَهْوَ

مِنَ النَّعيمِ بِمَرْتَعِ

بَرٌّ عَلَى رَغْمِ الفِرا

قِ بِعَبْدِهِ المُتَخَضِّعِ

كَمْ زُرْتُهُ فِي يَقْظَةٍ

وَأَلَمَّ بِي فِي مَهْجَعِ

يَدْنُو إِليَّ تَنَزُّلا

عَنْ عَرْشِهِ المُتَرَفِّعِ

وكَمِ الْتَمَسْتُ لِصَوْتِهِ

رَجْعاً فَحَقَّق مَطْمَعِي

قَطَعَ الغُيُوبَ وَجَاءَنِي

بِعَرُوضِهِ المُتَقَطِّعِ

هَذَا الْوَفَاءُ وَفَاؤُهُ

فَادْعِيهِ لاَ يَتَمَنَّعِ

بِهُتَافِ لوْعَتِي اهْتِفِي

وَصَدَى حَنِينِي رَجِّعي

حَتَّى يُجِيبَ فَأَنْصِتِي

بِضَمِيريَ المُتَسَمِّعِ